وصيرت بنواحها إشراق الصباح ظلمة من الحزن لا أول لها ولا آخر؛ وأرسلت في الليل البهم أناتها المؤلمة وزفراتها الحارة؛ ووصلت بكاءها الطويل بصلاتها الخاشعة حتى ارتجفت قواعد الأولمب، واهتزت عروشه الذهبية، وانعقدت بينه وبين لاءوداميا قنطرة من الحزن عبرت عليها بركات الآلهة إلى فؤادها المكلوم، فمسحت عبراتها، وهدأت من روعها، وبشرتها بعودة بروتسيلوس.
وفي هدأة ليلة مقمرة، سكن هواؤها وصدح بلبلها، وأنشد البدر لحنه الصافي على آراده الفضية؛ ليغمرها بهاء وروعة، خرجت لاءوداميا المحزونة من قصرها المنيف لتلقى روح بروتسيلوس يهدهده هرمز الكريم بين يديه، حتى يكون تلقاء زوجه، فترتمي بين ذراعيه!
ويغرقان في طوفان من القبل!
ويغرقان في لجة من العبرات!
ويقص عليها بروتسيلوس أنباء مقتله، فتبكي، وتبكي، وتعاتبه لاءوداميا، وتعذله، ولكن الساعات الثلاث التي سمحت بها الآلهة للقائهما تمر كاللمح، فينبههما هرمز إلى انقضائها، وما تكاد تسمع نذير هرمز وتعرف أن زوجها عائد أدراجه إلى هيدز فيظل فيها إلى الأبد حتى تصعق مكانها وتخر مغشيا عليها، وتموت!
فوا رحمتا للزوجين السعيدين اللذين لن يفترقا بعد اليوم!
وما أجمل هذين الطيفين الحبيبين يعودان معا إلى دار الخلود!
من السماء
قضى بروتسيلوس نحبه، وعادت روحه الكريمة إلى هيدز مصطحبة روح زوجته البارة، وغرست عرائس الفنون فسائل الدردار فوق قبر الراحلين فنمت وترعرعت، ونعم بفيئها الوارف ماء الهلسبنت
1
Page inconnue