خلابة، هي ملتقى الفتنة بين الخد والفم والعين والأنف.
ثم عنقها الطويل البلوري الشفاف، وجيدها الممتلئ الخصب، وجسدها الرخص المرمري، وساقاها الملتفتان يختلط في بشرتهما بياض الندف بحمرة الورد.
هذه هي هيلين!
فإذا فترت العينين وأرخيت الأهداب الكحيلة السوداء ذات الوطف، وأرسلت نظراتك المذهولة ترف بالخد والجيد والفم النضيد فترتد إلى فؤادك بأحمال الحب وأثقال الهوى، رأيت التمثال المعبود الذي خلب ألباب أمراء هيلاس وأجج قلوبهم بالفتنة وقرح أجفانهم بالسهاد! •••
لم تنشأ هيلين مع ذاك في حجور الآلهة إذ تزوجت أمها بعد أن هجرها زيوس من تنداريوس - أحد أمراء هيلاس - فترعرعت الطفلة في مهاد النعمة وسعدت بالهناءة والعيش المخفرج حتى كانت هيلين التي رأيت!
وقد تقدم إلى خطبتها كثير من سادة الإغريق ونبلائهم، ولكن أحدا منهم لم تقبله هيلين بعلا لها، لا لعيب فيهم، ولكن القلب.
أجل ؛ لم يكن يتفتح قلب هيلين الأولمبية الرائعة إلا لكل جميل رائع، ولما لم يكن في كل من تقدموا لخطبتها من هو سليل الآلهة مثلها، فقد رفضتهم جميعا، وعلة ذلك هذا الدم المتكبر الذي يتدفق في عروقها، وذلك الجمال المعبود الذي كان أكثر من أن يجري في امرأة واحدة!
وجرت الألسن في هيلين، وجمال هيلين، وعشاق هيلين، والساخطين على هيلين ممن جرحت كبرياءهم لرفضها إياهم، ولقي زوج أمها من جراء ذلك هولا شديدا ورهقا.
تحدثوا أن عشاق هيلين - ومنهم أبطال هيلاس وشجعانها وذوو الصولة والجبروت فيها - كانوا يضربون معسكراتهم حول بيت زوج أمها؛ يطمع كل منهم أن يفوز هو بهذه الغادة ذات المفاتن التي أذلت الأعناق العزيزة ورغمت بها الأنوف الإغريقية الشماء.
وخشي تنداريوس أن تشب الحرب بينهم لو أن هيلين قبلت أحدهم زوجا لها دون الآخرين، وأسقط في يده حين تقدم منلوس - ملك أسبرطة وسليل الآلهة أيضا - إلى هيلين يطلب يدها، فلما أسرت الفتاة إلى زوج أمها أنها ترضى ملك أسبرطة بعلا لها تضاعف فزعه وازدادت خشيته، وأيقن أنه لو أنفذ من أمر ذلك الزواج شيئا فإن أمراء هيلاس بأسرهم يصبحون له أعداء ألداء وهو لا حول له بعداوة أحدهم بمفرده ولا قوة!
Page inconnue