L'histoire de la création: Sources du Livre de la Genèse
قصة الخلق: منابع سفر التكوين
Genres
في فلسطين.
وإننا إذ نربط بين القمر وبين عبادة الخصب، فإننا نقيم ذلك على عدة شواهد، أهمها الاعتقاد القديم أن القمر متولد أصلا من الهواء، والهواء هو الذي يسبب الريح «يريح»، كما أنه في هيئة الهلال كان في شكل قرنين، والقرنان لوازم الحيوانات التي قدست باعتبارها رموز آلهة الخصب وهي الشياه عموما (الثور، التيس، الخروف)، لذلك أطلق على القمر لدى الشعوب السامية اسم آخر هو «سين» اشتقاقا من أسماء الشياه، وأسماء الشياه، فيما يفيدنا به «موسكاتي» كانت تنطق «سي» بإمالة السين إمالة طويلة، وهى التي تطورت بعد ذلك من «سي» إلى «شي» إلى «شاء» إلى «شاه».
9
إذن «إل يرى» هو إله الخصب إله القمر، وتأسيسا على فرضنا هذا وقياسا على ثوابت العبادات الخصبية في المنطقة، يمكننا افتراض أنه كان في الثالوث الإيلي، ابن «إل شداي» وشداي منها الشذي، أي الرائحة والريح والهواء، والقمر متولد عن الهواء في اعتقادات القدماء كما أسلفنا فيكون «إل شداي» هو إله الهواء أبو إله الخصب القمري «إل يرى».
وهكذا لا يكون اليهود قد خرجوا في عهدهم الأول عن النمط السائد في العبادات الطبيعية القديمة، المرتبطة بمواطن الزرع، وبظواهر الطبيعة الكبرى، والذين عبدوا الآلهة نفسها بالمواصفات والوظائف نفسها تقريبا، بينما ظل «إل» كعلم مستقل ومجرد عند الجميع، دلالة جلالية تعود أصلا إلى السماء كجليل حمل لدى السومريين الاسم «آن» مجردا، ولدى الساميين الاسم «إل» مجردا، ليظل دائما فوق جميع الآلهة، وأباها جميعا.
هذا عن «إلوهيم» أو مجموعة الآلهة الإيلية في العهد الإبراهيمي وما قبله، فماذا عن «يهوه» المنسوب في التوراة إلى النبي «موسى»؟
واضح أن إله السماء توارى بمرور الزمان وأصبح رمزا غير واضح، بينما قفز الإله الابن ليحتل مكان الصدارة في ديانات المنطقة، فأدونيس الفينيقي يبرز ويصبح فوق جميع الآلهة، وبعل الكنعاني يزيح الأب إيل تماما ويصبح هو محور العبادات، ومن قبل تقدم آنليل السومري على أبيه آن، بل وظهر المسيح الابن في الديانة المسيحية بنص الأناجيل كما الوحيد من الأب ليصبح هو المعبود الرئيسي الأول، بينما توارى الأب تماما، ثم في المذاهب الشيعية في الإسلام، المنعوتة بالمتطرفة، تم إحلال الحسين في المقام الأول بعد أن أزاح من الوجدان أباه «علي» أو الإله العلي، وبنفس الطريقة أزاح الإله الابن «يراه» الأب وحل محله ليصبح هو إله الهواء وإله الري وإله القمر والإله الثور معا، ولكن باسم «يهوه».
وإن استيلاء الابن على سلطات أبيه في المجامع الإلهية، هو بالاستفادة من النظرية الفرويدية، ترديد لما حدث في المجتمع الإنساني على الأرض، حيث كان يحل الابن القوي دائما محل أبيه الذي ظل مطلق السلطات طوال فترة تمتعه بالقوة الجسدية، حتى إذا ما كهل وظهرت عليه بوادر الضعف، قفز أقوى الأبناء إلى المقدمة واستولى على القيادة.
وقد جاءنا من نصوص آثاريات «أوغاريت» الكنعانية الفينيقية نصوص تشير إلى أن الإله «إيل» أب طاعن في السن عاجز عن إدارة شئون مملكته، تواق إلى أن يحمل ابنه أعباء وظيفته الإلهية عنه، وأعلن في عدة نصوص تعيين ابنه خليفة له.
10
Page inconnue