Histoires sur un groupe d'écrivains célèbres de l'Occident
قصص عن جماعة من مشاهير كتاب الغرب
Genres
وقد راجت الإشاعات عن علاقاتهما، على أن الأمر كان أبسط مما تقول الناس، ولكنه غريب على كل حال ؛ فقد سرق رامون سانشيه الفراشة الراقصة من الله - وكان يعترف بذلك - إلا أنه كان يقول إنه سيرجعها لله ثانية يوما ما، وكان يؤكد أنه وعد بذلك، وأنه لن يخلف الوعد.
وجدها في حديقة دير، بينما كان يسيح منفردا في إسبانيا، وكانت ترقص بين الأزهار، وقد سقط ضوء الشمس على وجهها فأكسبه جمالا وجلالا، ولاحظ رقصها بضع دقائق، ثم قفز من الحاجز الذي كان يفصله عنها، وذهب إليها فصرخت من دهشتها؛ إذ وجدت يدين قد التفتا حول خصرها، ونظرت بذهول نحو الطارق المفاجئ، فقال لها: «انظري يا «سنيوريتا».» وابتدأ يرقص أمامها رقصا لم يرقصه أمام الملوك، وكانت الفتاة تلاحظه وعلى فمها ابتسامة إعجاب، ولما انتهى قالت له: الحق يا «سنيور» إن هذا النوع من الرقص هو الحياة بعينها.
فقال لها بهدوء: تعالي معي؛ فنرقص سويا في العالم الواسع؛ فإنك قد خلقت لهذا.
فذهبت معه والفرح يملأ قلبها وعلى فمها ابتسامة، وقد ساعدها على القفز فوق الحاجز، ثم ركبت معه على جواده، وقالت له في الطريق: آه يا «سنيور» إني قضيت كل حياتي في الدير، وكم كنت أتمنى أن أخرج منه، فإذا كنت مكثت فيه سنة أخرى لأصبحت راهبة، ولكان السيف قد سبق العذل!
فقال رامون باستغراب: راهبة؟
فقالت له ضاحكة: نعم راهبة، وأنا لا أريد أن أكون راهبة، وإنه لمن المحزن أن أكون راهبة، وأنا لم أخلق لأحزن، كما أني لا أحب الحزن!
ولكن رامون كان منشغلا بأفكاره عن مزاحها؛ فقد عرف أنه سرقها من الله، ولا ريب أن الله يغضب لسرقة هذه الفتاة الجميلة، ذات العينين الزرقاوين، وقد غلى دمه في عروقه؛ إذ فكر في غضب الله، وفي تلك اللحظة نطق رامون بوعده لله: «يا ذا الرحمة، لقد استعرت ابنتك الصغيرة، إن الدنيا لفي حاجة إلى الجمال والسرور، وهي جميلة، ولكن سأرجعها إليك في يوم من الأيام، أنا «رامون سانشيه» أعد بذلك مقسما بدم والدتي.»
نطق بهذا الوعد مرة ثانية وهما في الطريق لما عقد عليهما الكاهن، وهكذا صارت «الفراشة الراقصة» شريكة حياة «رامون سانشيه» الراقص الإسباني الكبير.
وتجولا من مملكة إلى أخرى يرقصان معا في سبيل الشهرة، وأخيرا رجعا إلى بلدهما، وكان رامون يراقب الفراشة باهتمام غريب، ويرجع هذا إلى حبه وإلى وعده، فكانت هي لا تتحمل أعباء المسئولية عن نفسها، وكانت ميالة إلى المخاطرة تعتبرها ضربا من ضروب التسلية، وكانت مغرمة بالجواهر والأحجار الكريمة، ولكم كانت تحب أن تشارك الجمهور المزدحم الذي ينتظرها على باب المسرح كل ليلة في سروره ومزاحه، إلا أن رامون لم يسمح لها بذلك.
وحدث مرة أن رأى دبوسا ماسيا على صدرها، فهجم عليها وانتزعه منها بقوة، وقال لها محذرا: هذه الأشياء ليست لك يا روزا، فإنها تهدى ليطالب بثمنها، وهو شبابك وابتساماتك.
Page inconnue