والأول والثالث في حق الواجب لذاته محال، إذ لا جزء له، والثاني هو التعريف بالاسم أو بالرسم الناقص، وقد علمت أن التعريف بالاسم أو الصفة إنما يفيد تصور أمر ما له ذلك الاسم أو تلك الصفة، فأما حقيقة ذلك الشئ مما لا يفيد الاسم أو الصفة، فإذن شئ من أسماء الله تعالى وصفاته التي تعتبرها أذهاننا له لا يوجب تصور حقيقته بالكنه.
احتج الخصم: بأن حقيقة الله تعالى عين وجوده، ووجوده معلوم، فحقيقته معلومة. والمقدمتان قد سبق بيانهما.
جوابه: إن الأوسط في هذه الحجة غير متحد في المقدمتين، فإن وجوده الذي هو عين حقيقته هو وجوده الخارجي الخاص ووجوده المعلوم هو المحمول عليه وعلى غيره بالتشكيك كما سبق بيانه، وحينئذ لا تتم الحجة.
البحث العاشر:
أنه تعالى ليس بمرئي بحاسة البصر، خلافا للأشعرية.
لنا: المعقول والمنقول:
أما المعقول: فمن وجهين:
(أحدهما) أن المراد بلفظ الرؤية: إما حقيقتها - أعني الادراك بحس البصر - وهو غير صادق عليه تعالى، لأن ذلك الادراك مستلزم لإثبات الجهة له تعالى بالضرورة، سواء كان بحصول الشبح في العين المسمى بالانطباع أو بخروج خارج منها يتصل بسطح المرئي كما يقال من خروج الشعاع أو على وجه آخر إن أمكن، لكن إثبات الجهة له تعالى محال، فالقول برؤيته على الحقيقة محال وأما مجازها - كما يقال مثلا أنه الكشف التام للعقل أو نحوه مما لا يكون بآلة
Page 76