البحث الثامن: في امتناع الألم واللذة على الله تعالى اتفق المسلمون على عدم إطلاق هذين اللفظين عليه تعالى:
أما أولا: فلامتناع معناهما عليه، إذ كان المرجع عندهم بالألم إلى الحالة الحاصلة عن تغير المزاج إلى الفساد، وباللذة إلى الحالة الحاصلة عن تغير المزاج إلى الاعتدال، سواء كانت الحالتان غنيتين عن التعريف كما عليه بعض المتكلمين أو أنهما عبارتان عن إدراك متعلق الشهوة كما عليه جمهور المعتزلة. وإذ الباري تعالى تنزه عن المزاج فهو منزه عن توابعه وعوارضه.
وأما ثانيا: فلعدم الإذن الشرعي في إطلاق أحد هذين اللفظين عليه.
وأما الفلاسفة فإنهم لما فسروا اللام بأنه إدراك المنافي ولم يكن لذاته مناف لم يصدق إدراك المنافي عليه فلم يصدق عليه الألم، ولما فسروا اللذة بأنها إدراك الملائم أطلقوا عليه لفظ اللذة وعنوا بها علمه بكمال ذاته.
فلا نزاع معهم إذن في المعنى، إذ لكل أحد أن يفسر لفظه بما شاء، لكنا ننازع في إطلاق هذا اللفظ عليه لعدم الإذن الشرعي.
البحث التاسع:
حقيقة الله تعالى غير معلومة لغيره بالكنه، خلافا لجمهور المعتزلة والأشعري.
لنا: إنها غير معلومة بالبديهة وهو بديهي ولا بالنظر، لأن تعريف الشئ إما أن يكون بنفسه وهو باطل مطلقا كما علمت، أو بما يكون داخلا فيه، أو بما يكون خارجا عنه، أو بما يتركب عنهما.
Page 75