والثالث طاهر غير مطهر باتفاق، والرابع كذلك على القول المشهور عند الجمهور، إلا قولا شاذا روي عن أبي يوسف صاحب أبي حنيفة (1)، وهو محجوج عند الجميع، والله أعلم.
وأما الخل والنبيذ واللبن والزيت: فقد قالوا: إن هذه الأشياء تنزع النجس ولكن لا يحل أن يتعمد تنجيسها، إلا ما ذكر عن أبي حنيفة أنه أجاز الطهارة بالنبيذ محتجا بحديث ليلة الجن (2)، وذلك زعموا أن النبيء - صلى الله عليه وسلم - سأل ابن مسعود هل معك ماء؟ فقال: معي نبيذ فقال: ثمرة طيبة وماء طهور، والله أعلم (3).
--------------------
ويصدق عليه تعريفه، فالمناسب لكونه مضافا أن تتغير أحد أوصافه، ويقع [حينئذ] (4) الخلاف في كونه مطهرا، أي رافعا للحدث، ويناسب قوله فيما سبق: واختلف فيه في رفع الأحداث، وذهب بعضهم إلى أنه رافع للحدث مالم يكن التغيير عن طبخ، والله أعلم (5).
قوله إلا قولا شاذا روي ... الخ: وذلك أنه يرى أن الماء المستعمل نجس، والمشددون منهم يتخذون نطعا عند الوضوء يتقون به ثيابهم، والنطع الجلد، والله أعلم.
قوله إلا ما ذكر ... الخ: الظاهر أنه مستثنى من شيء مقدر حذف للعلم به، وهو معطوف على قوله تنزع النجس، والتقدير: ... تنزع النجس ولكن لا يحل أن يتعمد تنجيسها ولا ترفع الحدث إلا ما ذكر ... الخ، والله أعلم.
قوله سأل ابن مسعود ... الخ: أجاب عنه في المسند بقوله: ... » قد سمعت جملة من
__________
(1) - يراجع: شمس الدين السرخسي، المبسوط، 1/ 46؛ ابن رشد القرطبي، بداية المجتهد، 1/ 26.
(2) - شمس الدين السرخسي، المبسوط، 1/ 88؛ ابن رشد القرطبي، بداية المجتهد، 1/ 32.
(3) - الحديث أخرجه الترمذي: كتاب الطهارة، رقم: 81؛ وأبو داود: كتاب الطهارة، رقم: 77؛ وابن ماجة: كتاب الطهارة وسننها، رقم: 378؛ وأحمد: مسند المكثرين من الصحابة، رقم: 4150.
(4) - زيادة من الحجرية.
(5) - عزا ذلك ابن رشد لأبي حنيفة، (بداية المجتهد، 1/ 26).
Page 62