وقد روي أن أصحاب النبيء - صلى الله عليه وسلم - (1) كانوا يقتتلون على فضل وضوئه (2)، وغلا بعضهم حتى زعم أن اسم الغسالة أحق به من اسم الماء فيما وجدت، والله أعلم (3).
فالأول طاهر مطهر بإجماع، والثاني طاهر مطهر إذا لم يتغير أحد أوصافه، ...
--------------------
قوله فضل وضوئه: انظر ما المراد بفضل وضوئه هنا، هل المراد به ما يفضل في الإناء بعد أخذ كفايته للوضوء، أو ما يجتمع من ماء وضوئه وهو المناسب لسياق كلامه؛ لكن في إطلاق الفضل على مثل هذا نظر، وإذا كان المراد الأول فالدليل لا يناسب المدعى لأن الفضلة معلوم أنها ماء مطلق، ثم استعمال الفضل فيما ذكر غير مناسب لكتب اللغة، قال في "الصحاح":» والفضل والفضيلة خلاف النقص والنقيصة «(4)، بل المناسب لها: الفضلة أم الفضالة، في "الصحاح":» والفضلة والفضالة: ما فضل من شيء ... الخ «(5)، ثم هذا الحديث لا يدل إلا على الطهارة فقط.
قوله وغلا ... الخ: في "الصحاح":» وغلا في الأمر يغلو غلوا، أي جاوز فيه الحد ... الخ «(6)، يعني بتخفيف اللام.
قوله مطهر بإجماع: فيه أن من جملة ما تقدم ماء البحر، وسيأتي قريبا أن فيه خلافا، ولعله -رحمه الله- لم يعتد هنا بخلاف المخالف.
قوله إذا لم يتغير أحد أوصافه: فيه أنه إذا لم تتغير أحد أوصافه لم يخرج عن كونه مطلقا،
__________
(1) - في ج والحجرية: - عليه السلام -.
(2) - أخرج ذلك البخاري: كتاب الوضوء، رقم: 182؛ وكتاب الشروط، رقم: 252؛ وأحمد: مسند الكوفيين، رقم: 18166؛ وابن حبان في صحيحه، رقم: 4872 (بترتيب ابن بلبان11/ 216)؛ والبيهقي في الكبرى، رقم: 18587 (9/ 218)؛ والطبراني في الكبير، رقم: 13 (20/ 09).
(3) - ابن رشد القرطبي، بداية المجتهد ونهاية المقتصد، 1/ 27.
(4) - الجوهري: باب اللام، فصل الفاء: فضل.
(5) - الجوهري: باب اللام، فصل الفاء: فضل.
(6) - الجوهري: باب الواو والياء، فصل الغين: غلا.
Page 61