المقدمة الثالثة
فيما تزال عنه هذه النجاسات وبما تزال به من الأشياء والجهات
أما الأشياء التي تزال عنها النجاسة: فهي ثلاثة بلا خلاف، أحدها: الثياب لقول الله تعالى: {وثيابك فطهر} [المدثر: 04]، ولأمر النبيء - عليه السلام - بغسل الثوب من دم الحيض (1)، وغسله من المني أيضا (2)؛ ...
--------------------
قوله والجهات: الظاهر أنه إنما زاده لأجل السجع، وإلا فلا فائدة لذكره مع الأشياء.
قوله فهي ثلاثة بلا خلاف ... الخ: يرد عليه أن ما ذكره لا يشمل الثمار والحبوب وسائر المأكولات إذا أريد الانتفاع بها، مع أنه لابد من تطهيرها، فإن قلت: يمكن أن يراد بالبدن مطلق الجسم، وجميع ما ذكر من الأجسام، قلت: لو أراد ذلك لاستغنى بذكر الأبدان عن ذكر الثياب والمساجد ومواضع الصلاة فإنها كلها أجسام، والظاهر أنه أراد بالبدن بدن الإنسان خاصة كما هو المتبادر، ويكون الحصر في الثلاثة المذكورة إنما هو بالنظر إلى الصلاة خاصة، فلا ينافي
__________
(1) - أخرج الأئمة التسعة أن امرأة سألت النبيء - صلى الله عليه وسلم - عن الثوب يصيبه الدم من الحيضة، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:» حتيه ثم اقرصيه بالماء ثم رشيه وصلي فيه «، والحت: الحك، والقرص: الدلك بأطراف الأصابع مع صب الماء؛ البخاري: كتاب الوضوء، رقم: 220؛ ومسلم: كتاب الطهارة، رقم: 438؛ والترمذي: كتاب الطهارة، رقم: 122 وصححه؛ وأبو داود: كتاب الطهارة، رقم: 306؛ والنسائي: كتاب الطهارة، رقم: 291؛ وابن ماجة: كتاب الطهارة وسننها، رقم: 621؛ وأحمد: باقي مسند الأنصار، رقم: 25683؛ ومالك: كتاب الطهارة، رقم: 121؛ والدارمي: كتاب الطهارة، رقم: 765.
(2) - روى مسلم: كتاب الطهارة، رقم: 4036؛ وابن ماجة: كتاب الطهارة وسننها، رقم: 529؛ وأحمد: باقي مسند الأنصار، رقم: 24793 عن عائشة قالت:» كان النبيء - صلى الله عليه وسلم - يصيب ثوبه [المني] فيغسله من ثوبه ثم يخرج في ثوبه إلى الصلاة، وأنا أرى أثر الغسل فيه ... «، اللفظ لابن ماجة وله ألفاظ كثيرة أخرى فيها إسناد الغسل إلى عائشة ... - رضي الله عنه - ا.
Page 55