وروي أن النبيء - صلى الله عليه وسلم - أمر أن تغسل آنية أهل الكتاب إذا احتيج إليها (1)، فدل [هذا] (2) على نجاستهم، و الله أعلم.
وأما عرق السكران: ومن كان في معناه من جميع من يشرب الخمر، ...
--------------------
تأمل لأن دليل الطهارة قوي جدا لا يحتمل التأويل، فكيف يعدل عنه لأنه لا حظ للنظر مع وجود الأثر، كما روي عن علي بن أبي طالب وابن عباس أنه قيل لهما: إن أهل الكتاب يذكرون على ذبائحهم غير اسم الله، فقال علي وابن عباس: إن الله حين أحل لنا ذبائحهم قد علم ما يقولون على ذبائحهم (3)؛ وكذلك يقال في الطعام هنا حيث أخبر الله بكونه حلالا، وأكل منه النبيء - صلى الله عليه وسلم - فقد علم كيف يصنعونه؛ وأما دليل النجاسة فهو قابل للتأويل جدا، وأن المراد تغسل إذا كانت نجسة مثلا، فلا ينافي الآية والحديث المتقدم، والله أعلم، [فليحرر] (4).
قوله من جميع من يشرب الخمر: أي ولو [كان] (5) من غير سكر، ثم الظاهر أنه يكفي في شرب الخمر مرة واحدة، وأما في شرب النجاسة أو أكلها فالظاهر أنه لا تكفي مرة واحدة، بل المناسب لما بعده ولما تقدم في الدجاج -حيث جعله لا يمتنع عن أكل
__________
(1) - ذلك في حديث أبي ثعلبة الخشني حين سأل الرسول - صلى الله عليه وسلم - عن الأكل في آنية أهل الكتاب، فقال - صلى الله عليه وسلم -:» ... فإن وجدتم غير آنيتهم فلا تأكلوا فيها، وإن لم تجدوا فاغسلوها ثم كلوا فيها ... «، أخرجه البخاري: كتاب الذبائح والصيد، رقم: 5056 واللفظ له؛ ومسلم: كتاب الصيد والذبائح وما يؤكل من الحيوان، رقم: 3567؛ وأبو داود: كتاب الأطعمة، رقم: 3346؛ والترمذي: كتاب السير، رقم: 1483 وصححه؛ وابن ماجة: كتاب الصيد، رقم: 3198؛ وأحمد: مسند الشاميين، رقم: 17065؛ والدارمي: كتاب السير، رقم: 2387.
(2) - زيادة من ب وج.
(3) - أورد هذا الأثر الشيخ عامر الشماخي في الإيضاح، 2/ 456، 457؛ وقد رواه عبد الرزاق بسنده في مصنفه، رقم: 10177 (6/ 118).
(4) - زيادة من ب.
(5) - زيادة من د وه.
Page 51