فقال الملك: «وما هي شروط الصلح؟» قال ذلك وفؤاده يكاد ينصدع من شدة الغيظ. قال: «لم أطلع عليها لأنني سلمتها مختومة، وأمرت أن أسلمها للناسك مختومة.»
فقال الملك: «وما ظنك بهذا الناسك؟ أأحمق هو أم مجنون أم خائن أم قديس؟»
فقال: «أظنه يدعي الجنون ليتخلص من كيد أعدائه.»
فألقى الملك رأسه على وسادته، وقال له: «وما قولك في سياسته؟»
فقال: «يظهر لي أنه قانط من استخلاص الأرض المقدسة إلا بأعجوبة من السماء ما دام الملك ريكارد غير قادر على الحرب.» فقال الملك: «فإذن هو يذهب مذهب هؤلاء الجبناء الذين أرسلوك إليه ناسين عهدهم ودائسين شرفهم.»
فقال: «أرى هذا الحديث يا مولاي يزيد مرضك الذي تخاف منه ممالك النصارى أكثر مما تخاف من جنود العدو.»
وكان الغيظ قد أخذ من الملك ريكارد كل مأخذ، فاحمرت وجنتاه وتقطب حاجباه وطار الشرر من عينه، فقال للفارس: «دعنا من التمليق، وهات أخبرني هل رأيت الملكة في عين جدي؟»
فاضطرب الفارس وقال: «لم أكن عارفا بوجودها هنالك يا مولاي.»
فقال الملك مشددا صوته: «ألم تدخل كنيسة الراهبات الكرمليات في عين جدي؟ أولم تر فيها الملكة ومن معها؟»
فقال: «أخذني الناسك إلى كنيسة صغيرة رأيت فيها جمهورا من المرتلات، ولكنني لم أر وجوههن ولم أسمع أصواتهن إلا في الترتيل، وكن يرتلن معا فلم أفرق بين أصواتهن، ولا يمكنني أن أقول إن الملكة كان هناك بينهن.»
Page inconnue