[المُوْجِبُ لِلْقَتْلِ]
وَنَحْنُ قَدَّمْنَا: أَنَّ مُجَرَّدَ الكُفْرِ لَيْسَ مُوْجِبًا [لِلْقَتِلِ] (١)؛ بَلْ المُوْجِبُ هُوَ الكُفْرُ المُغَلَّظُ، وَتَغْلِيْظُهُ تَارَةً يَكُوْنَ بِحَرْبِ صَاحِبِه، وَتَارَةً بِرِدَّتِهِ عَنِ الإِسَلامِ.
ثُمَّ المُرْتَدُّ نَوْعَانِ: رِدَّةٌ مُجَرَّدَةٌ، وَرِدَّةٌ مُغَلَّظَةٌ، فَصَاحِبُ الرِّدَّةِ المُغَلَّظَةِ يُقْتَلْ بِلا اسْتِتَابَةٍ، وَإِنْ اُسْتُتِيْبَ صَاحِبُ المُجَرَّدَةِ كَمَا أَمَرَ النَّبِيُّ ﷺ بِقَتْلِ مَقِيْس بنِ صَبَابَة، وَعَبْدِ اللهِ بنِ خَطَلٍ مِنْ غَيْرِ اسْتِتَابَةٍ، وَكَانَ - أَيْضًا - قَدْ أَهْدَرَ دَمَ عَبْدِ اللهِ بنِ سَعْدٍ بنِ أَبِي سَرْحٍ، فَلَوْ قَتَلَهُ قَاتِلٌ مِنْ غَيْرِ اسْتِتَابَةٍ لجَازَ؛ لَكِنْ جَاءَ بَعْدُ فَقَبِلَ تَوْبَتَهُ.
وَهَذَا يَدَلُّ عَلَى أَنْ الاسْتِتَابَةَ وَقَبَوْلَ التَّوْبَةِ لَيْسَ وَاجِبًا لِكُلِّ مُرْتَدٍّ، وَلا مُحَرَّمًا فِي حَقِّ كُلِّ مُرْتَدٍّ، بَلْ صَاحِبُ الرِّدَّةِ المُغَلَّظَةِ قَدْ يُقْتَلُ وَلَوْ تَابَ، وَقَدْ يُقْتَلُ بِلا اسْتِتَابَةٍ، وَلَكِنْ لَوْ تَابَ لَمْ يُقْتَلْ، وَقَدْ يُؤْمَرُ
(١) ما بين المعقوفتين إضافة يقتضيها السياق، كما مر سابقًا.