أبا أحمد ما الفخر إلا لأهله ... وما لامرئ لم يمس من بحتر فخر
هم الناس إلا أنهم من مكارم ... يغني بهم حضر ويحدو بهم سفر
بمن نضرب الأمثال أم من نقيسه ... إليك وأهل الدهر دونك والدهر؟
وقال يمدح القاضي أبا الفرج أحمد بن الحسين:
لجنية أم غادة رفع السجف ... لوحشية لا. ما لوحشية شنف
نفور عرتها نفرة فتجاذبت ... سوالفها والحلي والمرط والردف
وخيل منها مرطها فكأنما ... تثنى لنا خوط ولا حظنا خشف
زيادة شيب وهي نقص زيادتي ... وقوة عشق وهي من قوتي ضعف
هراقت دمي من بي من الوجد ما بها ... من الوجد بي والشوق لي ولها حلف
ومن كلما جردتها من ثيابها ... كساها ثيابًا غيرها الشعر الوحف
وقابلني رمانتا غصن بانة ... يميل به بدر ويمسكه حقف
أكيدًا لنايابين واصلت وصلنا ... فلا دارنا تدن ولا عيشنا يصفو
أردد في الهوى كالسم في الشهد كامنًا ... لذذت به جهلًا وفي اللذة الحتف
فأفنى وما أفنته نفسي كأنما ... ابو الفرج القاضي له دونها كهف
قليل الكرى لو كانت البيض والقنا ... كآرائه ما أغنت الألفاظ من لفظه حرف
يقوم مقام الجيش تقطيب وجهه ... ويستغرق الألفاظ من لفظه حرف
وان فقد الإعطاء حنت يمينه ... إليه حنين الإلف فارقه الإلف
أديب رست للعلم في أرض صدره ... جبال جبال الأرض في جنبها قف
جواد سمت في الخير والشر كفه ... سموًا يود الدهر أن اسمه كف
وأضحى وبين الناس في كل سيد ... من الناس إلا في سيادته خلف
يفدونه حتى كأن دماءهم لجاري هواه في عروقهم تقفو
وقوفين في وقفين شكر ونائل ... فنائله وقف وشكرهم وقف
ولما فقدنا مثله دام كشفنا ... عليه فدام الفقد وانكثف الكثف
وما حارت الأوهام في عظم شأنه ... بأكثر مما حار في حسنه الطرف
ولا نال من حساده الغيظ والأذى ... بأعظم مما نال من وفره العرف
تفكره علم ومنطقه حكم ... وباطنه دين وظاهره ظرف
أمات رياح اللؤم وهي عواصف ... ومغنى العلى يودي ورسم الندى يعفو
فلم نر قبل ابن الحسين أصابعًا ... إذا ما هطلن استحيت الديم الوطف
ولا ساعيًا في قلة المجد مدركًا ... بأفعاله ما ليس يدركه الوصف
ولم نر شيئًا يحمل العبء حمله ... ويستصغر الدنيا ويحمله طرف
ولا جلس البحر المحيط لقاصد ... ومن تحته فرش ومن فوقه سقف
فواعجبا مني أحاول نعته ... وقد فنيت فيه القراطيس والصحف
ومن كثرة الأخبار عن مكرماته ... يمر له صنف ويأتي له صنف
وتفتر منه عن خصال كأنها ... ثنايا حبيب لا يمل لها رشف
قصدتك والراجون قصدي إليهم ... كثير ولكن ليس كالذنب الأنف
ولا الفضة البيضاء والتبر واحدًا ... نفوعان للمكدي وبينهما صرف
ولست بدون يرتجى الغيث دونه ... ولا منتهى الجود الذي خلفه خلف
ولا واحدًا في ذا الورى في جماعة ... ولا البعض من كل ولكنك الضعف
ولا الضعف حتى يتبع الضعف ضعفه ... ولا ضعف ضعف الضعف بل مثله ألف
وذنبي تقصيري وما جئت مادحًا ... بذنبي ولكن جئت أسأل أن تعفو
وقال عند مسير سيف الدولة لنصرة أخيه ناصر الدولة لما قصد الموصل:
أعلى الممالك ما يبنى على الأسل ... والطعن عند محبيهن كالقبل
وما تقر سيوف في ممالكها ... حتى تقلقل دهرًا قبل في القلل
مثل الأمير بغى أمرًا فقر به ... طول الرماح وأيدي الخيل والابل
وعزمة بعثتها همة، زحل ... من تحتها بمكان الترب من زحل
على الفرات أعاصير وفي حلب ... توحش لملقى النصر مقتبل
تتلو أسنته الكتب التي نفذت ... ويجعل الخيل أبدالًا من الرسل
يلقى الملوك فلا يلقى سوى جزر ... وما أعدوا فما يلقى سوى نفل
صان الخليفة بالأبطال مهجته ... صيانة الذكر الهندي بالخلل
ألفاعل الفعل لم يفعل لشدته ... والقائل القول لم يترك ولم يقل
والباعث الجيش قد غالت عجاجته ... ضوء النهار فصار الظهر كالطفل
1 / 40