«اليد العليا خيرٌ من اليد السفلى» (١).
وإذا كان الحديث الماضي دستورًا للفرد فهذا الحديث دستور للفرد وللجماعة وللواحد وللدولة.
* * *
والناس يتحاسدون في الغنى وفي الجاه: ترى من هو أغنى منك أو أوجه فتغبطه ترجو أن تكون مثله، وربما حسدتَه فتمنيت أن تكون أنت مكانه. فبيّن الرسول ﷺ أن هذا كله أقل من أن يُحسَد عليه، كله لا قيمة له، لا المال ولا الجاه، والحسد شر كله، فإن جاز يومًا فإنما يجوز في إحدى منزلتين: منزلة الغنيّ الذي يجود بماله في الخيرات، في الصدقات وأعمال البِرّ، ومنزلة العالِم الذي يعلّم الناس ما ينفعهم عند ربهم، أو يكون قاضيًا فيقضي بينهم بعلمه قضاء الحق.
قال ﷺ: «لا حسد (أي لا غبطة) إلا في اثنتين: رجل آتاه الله مالًا فسلّطه على هَلَكَته بالحق، ورجل آتاه الله حكمة فهو يقضي بها ويعلّمها» (٢).
* * *
_________
(١) أخرجه الشيخان والترمذي والنسائي وأبو داود (مجاهد).
(٢) الحديث أخرجه الشيخان والترمذي وابن ماجه وأحمد. ومعنى قوله «هلكته» أي إنفاقه، يفسّره لفظُ الحديث في رواية أخرى عند البخاري وأحمد: «فهو يهلكه بالحق» وفي رواية ثالثة «فهو ينفقه في الحق» (مجاهد).
1 / 48