وهذه كلمة فيها الدين كله، وهي موعظة جمعت المواعظ كلها والتقت فيها طرق الخير جميعًا، وهي قوله ﷺ: «أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك» (١).
فمن كان يرى أمامه شيخه الذي يُجلّه أو أباه الذي يوقّره، هل يأتي المنكرات والحماقات؟ وهل يستطيع أن يسرق أو يزني مَن يعلم أن شيخه أو أباه ينظر إليه من نافذته ليرى ما يصنع؟
فكيف يقصّر في فريضة أو يُقدِم على محرَّم أو يَعمد إلى ظلمٍ مَن يعلمُ أن الله ﷻ مطّلع عليه وأنه يراه؟ ولذلك جاء في الحديث: «لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن، ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن، ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن» (٢).
* * *
وكن قويًا لا تكن ضعيفًا، وكن معطيًا لا تكن آخذًا، وكن غالبًا أو عافيًا لا تكن مغلوبًا أو مَعفُوًّا عنه؛ فإن القوة هي جمال الرجل، لا جمال في الرجل إلا بالقوة: قوة الجسد، وقوة الفكر، وقوة المال، وقوة اللسان.
وقد جمع فلسفةَ القوة كلها حديثٌ واحد في ست كلمات، وعرضها في صورة ملموسة لا في فكرة غامضة، هو قوله ﷺ:
_________
(١) من الحديث المشهور في الإيمان والإسلام والإحسان، أخرجه الشيخان والترمذي والنسائي وأبو داود وأحمد (مجاهد).
(٢) أخرجه الشيخان وأصحاب السنن (مجاهد).
1 / 47