Lumière et Papillon
النور والفراشة: رؤية جوته للإسلام وللأدبين العربي والفارسي مع النص الكامل للديوان الشرقي
Genres
ولكن هذا التضاد لم يمنعه من رؤية الكل السابق على صراع الأطراف والأجزاء. بل إن هذا الكل - كما أكد أرسطو ويؤكد المحدثون أيضا - شيء أسبق من أجزائه وأشمل، ولا يمكن أن يكون مجرد حصيلة ناتجة عنها مجموع مؤلف منها. ولهذا كان الديوان كما قلنا دائرة كبرى تشتمل على دوائر صغرى عديدة، وكان التضاد الذي يحركه ويبعث الحياة فيه هو التضاد بين قطبي الحب والدين، اللذين يجتذبان عناصر أخرى تدخل كلها في هذا المجال الشعري المفعم بالسحر والحياة. والكلمات التي يقولها الشاعر عن ديوان حافظ تصدق على أشعاره المتأخرة، وبخاصة مجموعة شعره الفلسفي، كما تصدق على ديوانه الشرقي، فهو يقول في قصيدة جميلة من كتاب حافظ بعنوان «بغير حدود»:
شعرك يا حافظ دار دورة السماء
البدء فيه دائما والمنتهى سواء.
20
في داخل هذه «الدورة الكونية» يتصارع القطبان الأزليان: الحب والدين. فالحنين الديني - أو الصوفي! - يغلب بوجه خاص على «كتاب المغني» والكتب الثلاثة الأخيرة من الديوان، وهي كتب: «الأمثال» و«البارسي» (أي الفرس القدماء من المجوس عبدة الشمس والنار) والفردوس، كما يسري في سائر الكتب. والحنين إلى الحب يغلب على كتب العشق وزليخا والساقي الفردوس (على غير ما كنا نتوقع!) كما تتكرر تنويعاته المختلفة في الديوان كله، سواء كان يعبر عن عاطفة شخصية، أو تاريخية، أو كونية، أو غزل بين الشاعر والحورية في الفردوس، ولهذا كانت قصيدتاه «عودة اللقاء»:
21
أمن الممكن يا نجم النجوم
أن ألاقيك وللقلب أضمك
آه منها ليلة الهجر الأليم
حفرت هاوية بيني وبينك
Page inconnue