131

Sélection des Pensées pour l'Éclaircissement des Fondements des Récits en Expliquant les Significations des Traditions

نخب الأفكار في تنقيح مباني الأخبار في شرح معاني الآثار

Enquêteur

أبو تميم ياسر بن إبراهيم

Maison d'édition

وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية

Numéro d'édition

الأولى

Année de publication

1429 AH

Lieu d'édition

قطر

وأخرج عبد الرزاق في "مصنفه" (١): عن معمر قال: "سقط رجل في زمزم فمات فيها فأمر ابن عباس أن تسد عيونها وتنزح فقيل له: إنَّ فيها عينا قد غلبتنا. قال: إنها من الجنة. فأعطاهم مِطرفا من خَزٍّ فحشوه فيها ثم نزح ماؤها حتى لم يبق فيها نتن".
فإن قلت: حكى البيهقي (٢): عن الشافعي أنه قال: لا نعرفه عن ابن عباس وزمزم عندنا، ما سمعنا بهذا. وعن ابن عيينة قال: أنا بمكة منذ سبعين سنة لم أر صغيرا ولا كبيرا يعرف حديث الزنجي. وعن أبي عُبيد كذلك؛ لأنه قد جاءت الآثار في نعتها أنَّهَا لا تنزح ولا تذم.
قلت: قد عرف هذا الأمر وأثبته أبو الطفيل، وابن سيرين وقتادة ولو أرسلاه، وعمرو بن دينار وعطاء ومعمر، والمثبت مقدم على النافي خصوصا مثل هؤلاء الأعلام، ولا يلزم من عدم سماع من لم يدرك ذلك الوقت وعدم من يعرفه عدمُ هذا الأمر في نفسه، وليس في حديث ابن الزبير وابن عباس ﵄ أنهما قدرا على استئصال الماء بالنزح حتى يكون مخالفا للآثار التي جاءت بأنها لا تنزح ولا تذم بل صَرَّح في رواية ابن أبي شيبة (٣): بأن الماء لم ينقطع، وفي رواية البيهقي: بأن العين غلبتهم حتى دسّت بالقباطي والمطارف. وجعل السهيلي حديث الحبشي مؤيدا لما روي في صفتها أنَّهَا لا تنزف.
فإن قلت: قد حكى البيهقي أيضًا عن الشافعي أنه قال لمخالفيه: قد رويتم عن سماك، عن عكرمة عن ابن عباس، عن رسول الله ﷺ أنه قال: "الماء لا ينجسه شيء" أفترى أن ابن عباس يروي عن النبي ﵇ خبرًا ثم يتركه؟!
قلت: لم يتركه بل خصّصه كما خصصت أنت أيها الشافعي فقلت بنجاسة ما دون القلتين بالنجس ولو لم يتغير، وبنجاسة ما بلغ قلتين فصاعدًا بالتغير.

(١) "مصنف عبد الرزاق" (١/ ٨٢ رقم ٢٧٥).
(٢) "سنن البيهقي الكبرى" (١/ ٢٦٦ - ٢٦٧).
(٣) سبق تخريجه.

1 / 131