اللباب في علوم الكتاب
اللباب في علوم الكتاب
Enquêteur
الشيخ عادل أحمد عبد الموجود والشيخ علي محمد معوض
Maison d'édition
دار الكتب العلمية
Édition
الأولى
Année de publication
١٤١٩ هـ -١٩٩٨م
Lieu d'édition
بيروت / لبنان
Genres
ما حذفت النون منه لوجب مُطَابقة الضمير جمعًا كما في قوله تعالى: ﴿كالذي خاضوا﴾ [التوبة: ٦٩] و«دِماؤُهُمْ»، فلما قال تعالى: ﴿استوقد﴾ بلفظ الإفراد تبيّن أحد الأمرين المتقدّمين: إمّا بصلة من باب وقوع المفرد موقع الجمع؛ لأن المراد به الجنس، او أنه من باب ما وقع فيه من صفة لموصوف يفهم الجمع.
وقال الزمخشري ما معناه: إنَّ هذه الآية مثل قوله تعالى: ﴿كالذي خاضوا﴾ [التوبة: ٦٩]، واعتل لتسويغ ذلك بأمرين.
أحدهما: أن «الذي» لما كان وصلةً لوصف المعارف ناسب حذف بعضه لاستطالته، قال: «ولذلك نهكوه بالحذف، فحذفوا ياءه ثم كسرته، ثم اقتصروا منه على اللاَّم في أسماء الفاعلين والمفعولين» .
والأمر الثاني: أنّ جمعه ليس بمنزلة جمع غيره بالواو والنون، إنما ذلك علامةٌ لزيادة الدّلالة، ألا ترى أنَّ سائر المَوْصُولاَتِ لَفْظُ الجَمْعِ والمفرد التي نظر بها.
والوجه الثاني: أنه اعتقد كون الموصول بقيته «الذي»، وليس كذلك، بل «أل» الموصولة اسم موصول مستقلّ، أي: غير مأخوذ من شيء، على أنَّ الراجح من جهة الدَّليل كون «أل» الموصولة حرفًا لا اسمًا كما سيأتي.
وليس لمرجّح أن يرجّح قول الزمخشري بأنهم قالوا: إنَّ الميم في قولهم: «مُ الله» بقية «أيمن»، فإذا انتهكوا «أيمن» بالحذف حتى صار على حرف واحد، فأولى أن يقال بذلك فيما بقي على حرفين، لأن «أل» زائدة على ماهية «الذي»، فيكونون قد حذفوا جميع الاسم، وتركوا ذلك الزائد عليه، بخلاف «ميم» «أيمن»، وأيضًا فإن القول بأن «الميم» بقية «أيمن» قول ضعيف مردود يأباه قول الجُمًهُور.
وفي «الَّذي» لُغَاتٌ، أشهرها ثبوت الياء ساكنةً ود تُشَدِّد مكسورة مطلقًا، أو جاريةً بوجوه الإعراب، كقوله: [الوافر]
٢٢٦ - وَلَيْسَ المَالُ فَاعْلَمْهُ بِمَالٍ ... وَإِنْ أَرْضَاكَ إلا لِلِّذِيِّ
يَنَالُ بِهِ العَلاَءَ وَيَصْطَفِيِهِ ... لأَقْرَبِ أَقْرَبَيْهِ وَلِلْقَصِيِّ
1 / 373