المدارس:
تعجبني جدا طريقة مدارس (الفرير) في نقل الفتيات صباحا ومساء في عرباتها الخصوصية حتى لا يختلط بهن السابلة، وحتى يأمن عليهن أهلهن من مراقبة الخدام، الذين هم في أكثر الأحوال وسائل الفساد ووسطاء الغواية والضلال، وكذلك يوفرن وقت من سيعطل نفسه فيصحبهن إلى المدرسة ذهابا وإيابا، فحبذا لو اشترت نظارة المعارف أو استأجرت مثل تلك العربات لنقل التلميذات إلى مدارسها في الغدو والرواح، ويكون لكل قسم من أقسام البلد واحدة أو اثنتان طبقا لحاجة التلميذات كثرة وقلة ، فإن التعليم في مدارسها أرقى بكثير من التعليم في المدارس الأخرى، خصوصا في اللغة العربية التي هي لغتنا ويجب أن نتعلمها جيدا، وكذلك تراعى فيها آداب البلد وعوائده ودينه أفضل مما تراعى في تلك المدارس الأجنبية التي لم تفتح إلا لنشر مذهب من المذاهب الدينية أو لكسب أصحابها فقط.
بعض المستهجنين تعليم الفتيات يرون أن تظل الفتاة جاهلة خير لها من أن تتعلم؛ لأن التعليم يوسع عليها حيل الاختلاط الذي لا تبرره العادة ولا يسمح به أولياؤها، وهي نظرية فاسدة؛ لأن التربية الحقيقية تحول دون ذلك، فالفتاة الكاملة تجد من عفتها وقدوة أهلها وآداب نفسها ما يخيفها من سوء الأحدوثة، وتعلم أن سمعة الفتاة كالزجاج الصافي يتلوث من أقل الأشياء وإذا انكسر فلا يجبر، أما الفاسدة فتميل للمروق متى وجدت مسربا سواء كانت عالمة أو جاهلة، وغاية الأمر أن الجاهلة أسرع شططا وأدنى إلى أن تشهر بنفسها، وقلما تعرف نتيجة تصرفها السيئ إلا بعد وقوعها في سوء مغبته.
الملابس والأزياء:
الملابس الشرقية أخف مؤنة وأيسر كلفة وأشد ملاءمة لجونا الحار وصيفنا المحرق من الملابس الإفرنجية، فهي جلباب يلبس مرة واحدة فوق الملابس الدنيا وعند الخروج تلبس فوقه الملاءة، أما الملابس الإفرنجية فإنها متعددة القطع مضاعفة التركيب عسرة اللبس والنزع؛ فمن مشد يخنق الخاصرة ويعتصر الكبد والطحال ويضغط على الأحشاء ويمنع الجلد من التنفس الطبيعي اللازم له، ومن بنيقة (ياقة) منشاء كالورق المقوى، لا تستطيع المرأة فيها لفت رقبتها ولا الانثناء لقضاء أي عمل، فتظل مشرئبة العنق مشدودة لا عن وثاق، ومن صدار
chemisette
لاصق بالإبطين ضاغط على الكتفين أو مقور الفتحة
décolts
معرض القفا والنحر، بل الصدر والظهر إلى الحر والقر واختلاف درجات الجو وجلب النزلات الصدرية ومن مرطة
juops
Page inconnue