La fin des troubles et des calamités
النهاية في الفتن والملاحم
Enquêteur
محمد أحمد عبد العزيز
Maison d'édition
دار الجيل
Édition
١٤٠٨ هـ
Année de publication
١٩٨٨ م
Lieu d'édition
بيروت - لبنان
وَقَالَ الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ العلاء، حدثني بشر عن عبد اللَّهِ الْحَضْرَمِيُّ: سَمِعْتُ أَبَا إِدْرِيسَ الْخَوْلَانِيَّ يَقُولُ: اجتمع الناس إلى مشايخ، بَيْنَ الْعِرَاقِ وَالشَّامِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَقَامَ فِيهِمْ شيخ فقال:
أيها الناس: إنكم ميتون، ثم مبعثون إِلَى الإِدانة وَالْحِسَابِ، فَقَامَ رَجُلٌ، فَقَالَ: وَاللَّهِ لَقَدْ رَأَيْتُ رَجُلًا لَا يَبْعَثُهُ اللَّهُ أَبَدًا، وَقَعَ عَنْ رَاحِلَتِهِ فِي مَوْسِمٍ مِنْ مَوَاسِمِ الْعَرَبِ، فَوَطِئَتْهُ الْإِبِلُ بِأَخْفَافِهَا، وَالدَّوَابُّ بِحَوَافِرِهَا، وَالرَّجَّالَةُ بأرجلها حتى رمّ فلم تبق منه أنملة.... فقال له الشيخ: إنكم من قوم سجينة أحلامهم، ضعيف يقينهم، قليل عملهم، لو أن الضبع أخذت تلك الرمة، فأكلتها، ثم ثلطتها، ثم عدت عليها الكلاب وأكلتها، وبعرتها، ثم عدت عليها الجلالة، ثم أوقدتها تحت قدر أهلها، ثم نسفت الريح رمادها لَأَمَرَ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كُلَّ شَيْءٍ أَخَذَ مِنْهُ شَيْئًا أَنْ يَرُدَّهُ فَرَدَّهُ، ثُمَّ بَعَثَهُ للإدانة والثواب.
وقال الوليد: حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ: أَنَّ شَيْخًا مِنْ شُيُوخِ الْجَاهِلِيَّةِ الْقُسَاةِ قَالَ: يَا مُحَمَّدُ: ثَلَاثٌ بَلَغَنِي، أَنَّكَ تَقُولُهُنَّ لَا يَنْبَغِي لِذِي عَقْلٍ أَنْ يُصَدِّقَكَ فِيهِنَّ، بَلَغَنِي أَنَّكَ تَقُولُ: إِنَّ الْعَرَبَ تَارِكَةٌ مَا كانتَ تعبد هي وآباؤها، وأنا نظهر على كنوز كسرى وقيصر، ولنموتن ولنبعثن؟ فقال له الرسول ﵇: "ثُمَّ لَآخُذَنَّ بِيَدِكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَلَأُذَكِّرَنَّكَ مَقَالَتَكَ هَذِهِ" قَالَ: وَلَا تَضِلُّنِي فِي الْمَوْتَى؟ وَلَا تَنْسَانِي قَالَ: "وَلَا أَضِلُّكَ فِي الْمَوْتَى، وَلَا أنساك"، قال فبقي الشَّيْخُ حَتَّى قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ ورأى ظهور المسلمين على كِسْرَى وَقَيْصَرَ، فَأَسْلَمَ وَحَسُنَ إِسْلَامُهُ، وَكَانَ كَثِيرًا ما يسمع عمر بن الخطاب يحييه فِي مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، لِإِعْظَامِهِ مَا كَانَ وَاجَهَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَكَانَ عُمَرُ يأتيه وَيَقُولُ: قَدْ أَسْلَمْتَ
1 / 304