Newton : Une très courte introduction
نيوتن: مقدمة قصيرة جدا
Genres
لم يكن نيوتن يرغب في أن يستدرج علانية لكل هذه القضايا، ولكن التهديدات كانت في أوجها. وحين زار لندن عدد من العلماء والفلكيين الأجانب في عام 1715، أطلع هالي ونيوتن مجموعة منتقاة من الضيوف على مخطوطات نيوتن القديمة لإثبات أسبقية نيوتن في نزاع التفاضل والتكامل. كذلك أطلعهم خليفة هوكسبي المتمكن، جان-ثيوفيل ديزاجيولايه، على تجربة نيوتن بالغة الأهمية، ووردت الأنباء إلى الفلاسفة الفرنسيين عن أن عقائد نيوتن بشأن الضوء والألوان كانت صحيحة. وفي السنوات القليلة التالية، انتشرت عقائد نيوتن بشكل كاسح عبر القنال الإنجليزي: فظهرت طبعة ثانية من كتاب «البصريات» في عام 1719، وتوالى بعدها ظهور طبعات فرنسية في العامين التاليين.
كانت المراسلات المهمة بين كلارك ولايبنتز تتم من خلال خطابات ترسل إلى كارولين. ولاحتوائها على العديد من الموضوعات، فقد غطت كل الفوارق الأساسية بين المعسكرين، وسخر كل طرف من الآخر من أجل إظهار آراء الخصم ساذجة أو مارقة. وقد أولى نيوتن انتباها خاصا بجانب كلارك في النزاع، وكانت رسائل كلارك متسقة تماما مع آرائه الخاصة، على الرغم من أن نيوتن لم يعد مسوداتها. وفي تبادل لعشر رسائل مع كلارك في السنة حتى وفاة لايبنتز في نوفمبر عام 1716، أطلق لايبنتز عددا من الاتهامات، من ضمنها الادعاء بأن أتباع نيوتن قد أحدثوا فراغا في جسد الله؛ وأن الله قد خلق عالما معيبا حتى أنه كان يضطر للتدخل بشكل دوري لإصلاح ماكينته المعيبة؛ وأن باعتقادهم بأن الله قد تصرف بطريقة لم تتقيد بالمنطق، حوله أتباع نيوتن إلى حاكم استبدادي (وهو ما يشير ضمنا إلى العداء الذي يكنه أتباع نيوتن للملك جورج الأول واشتياقهم للحكم الاستبدادي لابن الملك جيمس الثاني). لقد كان مبدأ «الجذب» غير مفهوم، وعاد بالفلسفة إلى عصور الظلام، ودحض كل الأعمال الجيدة للفلسفة الميكانيكية.
كرر كلارك ذلك الاتهام الفج بأن مفهوم لايبنتز للتوافق الموضوع مسبقا قد أنكر وجود الإرادة الحرة وكرر النقطة التي طرحها كوتس بأن رب لايبنتز «المالك المتغيب» قد صنع خلقا مثاليا أشبه بالآلة في البداية، حتى أنه لم يكن لديه حاجة للقلق بشأنه بعد ذلك. فقد بدا أن لايبنتز قد قيد قدرة الله بالإيحاء بأنه قد اضطر للامتثال لقوانين المنطق، بينما في سياق آخر بدا أن لايبنتز كان يعتقد أن بإمكان المرء أن يستنتج من المبادئ المنطقية حقائق بشأن العالم دون الاضطرار لتحمل عناء التجريب. لقد كان الله بالنسبة لنيوتن وكلارك قادرا على كل شيء، وبإمكانه القيام بالأشياء بحرية بمجرد فرض إرادته لتحقيق غايات ربما لم تكن مفهومة للبشر العاديين (حتى نيوتن). لقد كان الجذب مفهوما باعتباره «اسما» يشير لحقيقة مبنية على الملاحظة، ومفضلة أيما تفضيل عن فلسفة «الجوهر الفردي» الغامضة ذات الطابع الميتافيزيقي المفرط التي عرضها لايبنتز. انتهى النزاع بوفاة لايبنتز في نوفمبر عام 1716، وهو الوقت الذي ترسخت فيه الآراء. غير أن «تلميذته» الأميرة كارولين يبدو أنها مالت نحو الموقف النيوتني بحلول وفاته، وهو ما كان ليسبب نوعا من الحرج وخيبة الأمل له.
الفصل العاشر
القناطير وحيوانات أخرى
خلال العقد الأخير من حياته، واصل نيوتن أداء الكثير من واجباته ومهامه الإدارية في الجمعية الملكية ودار سك العملة، على الرغم من أن صحته لم تساعده في ذلك على نحو متزايد. وفي عام 1725 نصحته كاثرين وجون كوندويت بالانتقال إلى أجواء كنسينجتون الأكثر صحية بعيدا عن دخان لندن المميت. وتضاءلت أيضا طاقاته الفكرية، على الرغم من أنه كان يخصص ساعات من كل يوم لدراسة النبوءة، وتاريخ الكنيسة، وعلم التقسيم الزمني للتاريخ. وظهرت طبعة ثالثة من كتاب «المبادئ الرياضية» في عام 1726، عكف على تحريرها هنري بمبرتون، وإن كانت هذه الطبعة لم تضف إلا القليل إلى الطبعة الثانية.
وعلى الرغم من انتهائه كقوة إبداعية منذ زمن، ظل نيوتن الفيلسوف الطبيعي الأبرز في أوروبا. وظل لعقود يضع أتباعه ومريديه في مواقع القمة في كبريات الجامعات الهولندية والبريطانية، وحين لم تعد مثل هذه المواقع متاحة، راح معجبوه يتحدثون عن الفلسفة النيوتنية في العديد من الكتب وسلاسل المحاضرات. وبحلول عشرينيات القرن الثامن عشر، تربع النظام النيوتني على القمة، على الرغم من أن عقائده ومبادئه استغرقت عشر سنوات بعد وفاته لكي تحظى بالقبول والرضا الكامل في فرنسا. وقد تحقق ذلك بفضل المهارات الترويجية لفولتير، وفرانشكو ألجاروتي، ومدام دو شاتليه، إلى جانب الاستكشافات العلمية في بيرو ولابلاند التي أثبتت أن الأرض مفلطحة عند القطبين كما ادعى نيوتن.
واصل نيوتن سعيه المتواصل وراء الحقيقة الدينية، وإن كان قد أصبح أكثر حذرا بشأن قراءة الأحداث المعاصرة كتحقق للنبوءات. ففي مسودة يعود تاريخها إلى عشرينيات القرن الثامن عشر، حدد عام 2060 تاريخا ليوم القيامة في البداية، لا سيما من أجل إرباك هؤلاء الذين كانوا يأملون في بداية سريعة للألفية. ولم يلعب علم المستقبليات التخميني دورا في الأساليب التفسيرية لرجل كان يؤمن بتفسير النبوءة في إطار الحقائق التاريخية. ولا يزال هناك مسودات ضخمة عن تاريخ الكنيسة المبكر، عاصر الكثير منها وارتبط بنزاعاته مع لايبنتز. استكشفت هذه المسودات التاريخ المبكر للمسيحية، وأصبح نيوتن مهتما بالطريقة التي حرفت بها الجماعات المهرطقة المتعددة، مثل الكاباليين والغنوصيين، العقيدة الحقيقية بواسطة الميتافيزيقا، «محولين الكتب المقدسة من إطار أخلاقي إلى إطار ميتافيزيقي».
وكما يرى كوندويت، فقد كان أهم أعماله في فترة شيخوخته بحثا اختار له عنوان «مقترح السلام أو جنوح النظام الكنسي للسلام». لقد كانت مبادئ الدين المسيحي موجودة في «الكلمات المعبرة» للمسيح والحواريين - «ليس في الميتافيزيقا أو في الفلسفة» - ولم يكن بالضرورة أن توجد في الكتاب المقدس كما هي الآن. إذ كانت جميع الأمم في البداية لها دين واحد، كانت مبادئه الأولى هي:
أن يكون لك إله واحد، وألا تنصرف عن عبادته، ولا تدنس اسمه؛ وأن تتجنب القتل، والسرقة، والفسوق، وكل الموبقات؛ وألا تقتات على لحم حيوان حي أو تشرب دمه، ولكن أن تكون رحيما حتى بالوحوش الضارية؛ وأن تقيم محاكم العدل في كل المدن والمجتمعات لتضع هذه القوانين موضع التنفيذ.
Page inconnue