فوق ما تحتمل من فوادح الخطوب.
لقد افتلذ كل منكم يا بَنيّ من كبدي فلذة، فأصبحت هذه الكبد الخرقاء مزقًا مبعثرة في زوايا القبور، ولم يبق لي منها إلا ذماء قليل لا أحسبه باقيًا على الدهر، ولا أحسب الدهر تاركه دون أن يذهب به كما ذهب بأخواته من قبل.
لما ذهبتم يا بَنِيّ بعد ما جئتم؟ ولماذا جئتم أن كنتم تعلمون أنكم لا تقيمون؟
لولا مجيئكم ما أسفت على خلو يدي منكم؛ لأنني ما تعودت أن تمتد عيني إلى ما ليس في يدي، ولو أنكم بقيتم بعدما جئتم ما تجرعت هذه الكأس المريرة في سبيلكم.
لقد كنت أرضى من الدهر في أمركم أن يتزحزح لي عن طريقي التي أسير فيها، وأن يزوي وجهه عني فلا أراه ولا يراني، ولا يحسن إلي ولا يسيء، ولا يتقدم إلي بخير ولا شر، ولا يتراءى لي مبتسمًا، ولا مقطبًا، ولا ضاحكًا ولا باكيًا، لو أنه رضى مني بذلك، ولكنه كان أذكى قلبًا، وأنفذ بصرًا، من أن يفوته العلم بأنني ما كنت أبكي على النعمة لو لم تكن في يدي، وما كنت أجد مرارة فقدانها، لو لم أذق حلاوة وجدانها، وكان لا بد له أن يجري في سنة الشقاء الذي أخذ على نفسه أمام الله
1 / 64