به الانتفاع، ونتكلم في طوله وعرضه بالباع والذراع. فمن ذلك ما قاله القاضي محمد بن أحمد النوقاتي في كتابه "منحة الظراف": العشاق معذورون على كل حال، مغفور لهم جميع الأقوال والأفعال، إذ العشق إنما دهاهم على غير اختيار، بل اعتراهم على جبر واضطرار، والمرء إنما يلام على ما يستطيع من الأمور، لا في المقضى عليه والمقدور، هذا مما لا يشك فيه ذو لب، ولا يختلج خلافه في قلب. وجاء في تفسير قوله تعالى: (فلما رأينه وأكبرنه وقطعن أيديهن) [يوسف: ٣١] . وهذا اضطرار واضح. قال وهب: كن أربعين امرأة، فمات منهن تسع وجدا بيوسف وكمدا عليه. وقال الفضيل بن عياض: لو رزقني الله دعوة مجابة لدعوت الله تعالى بها أن يغفر للعشاق، لأن حركاتهم اضطرارية لا اختيارية. وفي كتاب "امتزاج الأرواح" للتميمي: قال بعض الأطباء: وقوع العشق بأهله ليس باختيارهم، ولا بحرصهم عليه، ولا لذة لأكثرهم فيه، ولكن وقوعه بهم كوقوع العلل المدنفة والأمراض المتلفة، لا فرق بينه وبين ذلك. وقال المدائني: لام رجل رجلا من أهل الهوى، فقال: لو كان لذي هوى اختيار لاختار أن يهوى، ولكن لا اختيار له. وقال الحافظ ابن القيم ﵀: فسر كثير من السلف قوله تعالى: (ربنا ولا تحملنا مالا طاقة لنا به) [البقرة: ٢٨٦] بالعشق، وهذا لم يريدوا به التخصيص، وإنما أرادوا به التمثيل، وإن العشق من تحميل ما لا يطاق، أي: التحمل القدري لا الشرعي الأمري. انتهى. وحكى ابن حزم أن رجلا قال لعمر
1 / 18
نشوة السكران
مقدمة في ذكر العشق واسمه وما جاء في حده ورسمه
مبحث في أسباب العشق وعلاماته
مبحث في مراتب العشق وأسمائه وصفاته
مبحث في العشق وذمه وترياقه وسمه
مبحث في أن العشق اضطراري أو اختياري
مبحث في ذكر الحسن والجمال
مبحث في ذكر الغزلان
مبحث في قسمة العشق مخاطباته
مبحث في أقسام النسوان وجلوة عدة من سرب الغزلان
مبحث في التقسيم باعتبار السن
فصل في أقسام الغزلان التي هي من مستخرجات أزاد رحمه الله تعالى