يا لجمالك في الماء تشابهين الدمى والتماثيل، وتمثلين لي الإنسانية في أدوارها النقية من قبل أن ينخرها دود الأمراض وسوس الفساد! كم وقفت خاشعة أمام تمثالك المعبود! وكم تاه نظري بين استدارة ذراعيك، وبضاضة كتفيك، وتضاعيف عنقك! وكم خرق فكري الغلاف الجميل وتغلغل بعيدا بعيدا، فتمثلت رئتيك، وقلبك الصغير يدفع الدم إلى جسدك ويحييك بنظام المبدع الأسمى! وتمثلت قواك العاقلة تتكيف وتنمو شيئا فشيئا بما وجد فيها من خميرة وراثية، وما يزاد عليها من تأثيرات المحيط، كم وددت لو أزيل كل ما أورثتك إياه - رغما عني - من نقائص ومساوئ! وكم تمنيت لو أعطيك كل ما أتوق إليه من خير وصلاح وكمال أسمى! •••
يا لبلاغتك اليوم! تتكيفين، وتتفهمين، فتقابلين وتحكمين، عندما تتأملين في خطوط وجهي، وتحدقين إلى داخل عيني فتنعكس على وجهك الغض كل تأثرات نفسي، وتلمع عيناك للهناء، أو تظلم لليأس، أو تضحك للسرور، أو تبكي للشقاء!
وعندما تقيدين عنقي بذراعيك وتسأليني: أمي لماذا أنت نحيلة وصفراء؟ لماذا لا تبسمين؟ أمي تعبانة لأنك تشتغلين؟ ثم ينتفض جسمك ويختلج فؤادك وترتجف شفتاك وتسيل دموعك، آه! كيف تجثو نفسي عند قدميك متوسلة إليك أن تكفي عن البكاء؟! وكيف أود لو أدخل إلى ذاكرتك الغضة فأزيل منها صور البؤس، وأضع مكانها صور الهناء؟! كم تتسابق دموعي حنانا لحنانك، وحبا لحبك، فأضمك إلي حاسبة أنني أضم كنوز الأرض وغني الكائنات!
كم سكبت من روحي في روحك! فأعطيتك حتى لم أبق لي شيئا وعدت إليك، فإذا أنت نبع لا يعرف الجفاف يعطيني ويعطيني ويعطيني بلا حساب!
من عينيك تنبعث قوة سحرية هي زادي في الصباح والمساء.
عندما تنفذ في قوة الجهاد انظر إلى عينيك.
عندما تضع الأيام أمامي حواجزها الهائلات أنظر إلى عينيك.
من عينيك إرادتي، وقوتي، ووجودي، وتجددي، وعلة بقائي، وسر حياتي. •••
تفقد المرأة أباها، وأمها، وأخاها، وأختها، فتتألم نفسها، وتبكي عيناها، ولكن موت الولد يؤلمها جسديا فتتوجع كمن فقئت عينه، أو بترت يده، أو شقت كبده!
كان لي ملاكان ذهبيان!
Page inconnue