إلى ابنتي
إن في نظرات الأمهات نعيم الحياة
وفي نبرات أصواتهن أناشيد الخلود.
يا حلاوتك عندما دببت وعندما شببت.
بل قبل أن ولدت.
عندما تململت لأول مرة قرب فؤادي، فأحدثت في نفسي ثورة قلبت بلحظة كياني، وحولتني من ولد خلي طيار إلى كائن مثقل بالحنان والحب، وعندما وثبت إلى الحياة بيديك الورديتين، وعينيك المغمضتين، الجاهلتين معنى الحياة والوجود.
وعندما أتوا بك إلي فأخذتك إلى صدري، وبقيت طول ليلي أتأملك على نور الزيت الضئيل، ناظرة إلى عينيك، وجبينك، وفمك، وأنفك، وخديك، وكل أعضائك المتناهية في الدقة والليان، وقائلة في نفسي: «هي لي، هي لي»!
وعندما كنت أسقيك مذوب قلبي، وأراك تنمين يوما فيوما بما تمتصينه من ماء حياتي، كم تلذذت في تلك الساعات الطويلة، وسكبت نفسي أمام هيكل حبك متمنية لو أعطيك كل ما في قلبي من دم، وكل ما في نفسي من قوة، وكل ما في كياني من حياة.
وعندما فطمت فبكيت صدري، فلمست أول هموم الحياة.
يا حلاوتك في كل آن وزمان يا حلاوتك. •••
Page inconnue