Les catastrophes
النكبات: خلاصة تاريخ سورية منذ العهد الأول بعد الطوفان إلى عهد الجمهورية بلبنان
Genres
أنت سورية بلادي.
أنت عنوان الفخامة!
الفصل السابع
بابل العصبيات والأديان
حكم اليونان في هذه البلاد مائتين وتسعا وستين سنة، فانتشرت الثقافة اليونانية في الطبقات الراقية من الأمة، وحلت الأساطير اليونانية محل الأساطير الآشورية والفينيقية، أو أنها اقتبست بعضها، فصارت عشتروت مثلا أفروديت، ودخل البعل في برلمان الأصنام.
أما لغة الأهالي فظلت كما كانت آرامية منذ بداية الدولة السلوقية وقبلها، إلا أن الطبقات العالية وأولياء الأمر والطامعين بالوظائف، كانوا يحسنون أيضا لغة الفاتحين.
وجاء بعد اليونان الرومان، فحكموا في سورية سبعة قرون كاملة، وقد كان العهد الأول؛ أي منذ فتح الشام (65ق.م) إلى حين سقوط الدولة النبطية (106م)، عهدا شبيها بالانتداب أو بالحكم اللامركزي، وكان العهد الثاني؛ أي من أيام تراجان إلى أيام قسطنطين، عهدا استعماريا استبداديا، فاشتد النير الروماني على البلاد، وكان الناس فوق ذلك يعيشون في خوف دائم من الاضطهادات الدينية، التي كانت تبدأ في رومة أو في القسطنطينية، وتمتد بويلاتها إلى الولايات والمستعمرات الرومانية كلها.
أما العهد الثالث؛ أي من ولاية قسطنطين إلى ولاية هرقل، فقد عم فيه الفساد الديني والمدني، وصارت القسطنطينية قطب المناقشات اللاهوتية التي أفسدت على الناس عيشهم، وبلبلت عقائدهم، وبدلت حرية الضمير بالطاعة العمياء للبطاركة والأساقفة، الذين أصبحوا في نعيم من الدنيا يرفلون بالأرجوان، ويبارون بالترف والأبهة أصحاب الصولجان.
وكان ملوك الفرس الساسانيون لا يزالون يتطلعون إلى هذه البلاد، بل إلى ملكهم القديم، ويطمعون باسترجاعه، فاغتنم كسرى أنوشروان فرصة سنحت من جراء الفساد الذي عرا الدولة البيزنطية المسيحية، وزحف إلى سورية في طليعة القرن السابع (611م)، فاحتل قسما منها، ثم استعادها الإمبراطور هرقل، ولكنها لم تدم منذ ذاك الحين غير بضع سنين في حوزة الرومان؛ إذ كان قد ظهر في الحجاز نبي عربي، يحمل كلمة في التوحيد الإلهي، آمن بها الناس وحملوا السيف في سبيلها.
وراح أولئك العرب بكتابهم الشريف، وبسيفهم البتار، يدوخون الممالك، ويهدون الملوك أو يهدون عروشهم.
Page inconnue