Les catastrophes
النكبات: خلاصة تاريخ سورية منذ العهد الأول بعد الطوفان إلى عهد الجمهورية بلبنان
Genres
وقيل إن دولة الرعاة في مصر (1900-1525ق.م) كانت دولة عربية، ولكنها لم تكن على شيء من الحضارة، وقد كان عهدها الطويل فظيعا في شطره الأول، وعقيما في أطواره كلها. فلا عجب إذا كره المصريون الملوك الرعاة، وقام عليهم الفرعون آموسيس، مجدد النهضة الوطنية، فأخرجهم من البلاد (1525)، وزحف بعد ذلك إلى سورية يؤدب السوريين لظنه أن الرعاة منهم، فكان فاتحا مظفرا.
ومن المؤرخين من يقول إن الملوك الرعاة سوريون، ولا فخر، فقد أقاموا في مصر نحوا من أربعمائة سنة، وهم يأكلون من طيباتها، ويفسدون ويخربون، وما أكلت سورية بسببهم غير النبوت وخبز العبودية.
الفصل الثالث
الاستعمار الفارسي
كانت الدولة الحثية الشمالية أكبر الدويلات السورية اقتدارا، وأشدها بطشا، فغلبت حتى المصريين مرة، وأخرجتهم من فينيقية ومن أرض كنعان الجنوبية.
ثم تحطمت الدويلات الحثية كلها تحت سنابك خيل الفاتحين من الشرق ومن الغرب؛ إذ احترب المصريون والآشوريون في قلب البلاد - وعليها - كما أسلفت القول، وعم فيها الويل والبلاء.
وما خف البلاء والويل في زوال الاستيلاء الآشوري البابلي، فعندما خلع قورش ملك الفرس نير البابليين، وأسس الدولة الأشمونية الفارسية الآرية، التي قامت على أنقاض الدولة الآشورية، شرع يبسط سيادته على البلدان التي كانت في حوزة ملوك بابل ونينوى، فتم في عهده وعهد ابنه قمبيسس الاستيلاء الفارسي الآري على البلاد السورية كلها، سهلها وجبلها وساحلها، وتجاوزها إلى الجزر كقبرص وغيرها، بل إلى بلاد الإغريق ومصر وأفريقية.
كان حكم الفرس في هذه البلاد، بل في كل البلدان التي فتحوها، حكما استعماريا عسكريا، ولم يكن للوطنيين يد فيه البتة، فكان الملك يعين حاكما من رجاله أو من آل بيته، ويمده بجيش من أهل مادي وفارس لحفظ النظام والأمن والطاعة.
أما أهل سورية، فلم يجند الفرس منهم إلا للغزوات والفتوحات في البلدان الأخرى، كما كان الأتراك مثلا يجندون السوريين لمحاربة أهل اليمن وعسير.
وكان لدولة الفرس أسطول عظيم يربو عدد مراكبه على الألف، كلها من صنع أهل فينيقية وقبرص واليونان. أما رجال الأسطول وجنوده، فمن أهل مادي وفارس، ولا غرو، فكيف تثق الدولة بالأهالي وحكمها فيهم حكم المستعمر المستأثر المستبد؟ حكم طاغية يقول: ادفعوا الضرائب وقدموا الجنود طائعين صاغرين، وإلا فهذه كتائبي عندكم تعلمكم الطاعة أو تبيدكم!
Page inconnue