وإذا أثبتنا مثلا بالحس والتجربة أو بدليل عقلي وجود أمر ما ، فإذا كنا غير واثقين بقضية «استحالة اجتماع النقيضين» التي تعتبر من القضايا البديهية جدا ، فعندئذ يمكننا التشكيك بالأمر ، والقول بإمكانية عدم وجود الأمر الذي أثبتنا وجوده!
وإذا أردنا إثبات هذه الاصول البديهية بالتجربة والاستدلال فسينتهي الأمر بنا إلى الدور والتسلسل ولا تخفى سلبيات هذا الأمر على أحد.
** ثانيا :
المثاليين (الذين ينكرون الحقائق الخارجية ، ويعتقدون بالامور الذهنية فقط) وبالاستناد إلى الوجدان نقول : إن الوجدان يشهد ببطلان مثل هذه العقائد ، لأننا ندرك أنفسنا والعالم الخارجي الذي يحيط بنا بوضوح ، فكذلك الأمر هنا ، لأن هذه الضرورة الوجدانية دليل على وجود كثير من الإدراكات الباطنية.
وكما أننا نحس بحاجات جسمية وروحية كثيرة (الحاجات الجسمية مثل الأكل والشرب والنوم ، والروحية مثل الميل إلى العلم والاحسان والجمال والعبادة والقداسة) ويقول بعض علماء النفس : (إن هذه المقتضيات تشكل الأبعاد الأربعة لروح الإنسان).
فهذا الوجدان ذاته يصرح لنا بحسن الاحسان والعدالة وقبح الظلم والاعتداء ، وفي هذه الإدراكات لا نحتاج إلى مصدر اجتماعي أو اقتصادي أو غير ذلك بل يكفينا الوجدان.
إن حجة أمثال «فرويد» و «ماركس» واضحة ، حيث أنهم يعتقدون بأصل واحد وهو رجوع كل قضية اجتماعية وفكرية إلى الجنس أو الاقتصاد ، ويصرون على توجيه كل شيء على ضوء هذا الأصل.
** ثالثا :
للتكامل على أساس سنة إلهية ، فلا ينبغي الشك في أن وسائل ودوافع مثل هذا التكامل يجب أن تكون مهيئة في ذاته ، وموجودة ، وأن ما جاء به الأنبياء وما ورد في الكتب
Page 158