و[ أما ] العبد فحاله مع الكفر فى ذلك أبعد! لأنه لم يفعله ولا حصل له سبيل إلى إزالته عن نفسه ؛ لأنه تعالى هو المختار لفعله فيه ، ولا يجوز أن يقف اختياره على إرادته ، فكان يجب أن يكون بزوال اللوم عنه أحق.
ومنها : أنه كان يجب على قولهم أن لا يكون لهذه المخاطبة الجارية بين الشيطان ومن اتبعه معنى ؛ لأنه تعالى هو الذى فعل فيه الدعاء ، وفيمن اتبعه الاستجابة ، وهما كالظرف لفعله ، فما وجه هذا الخطاب الذى يقتضى تحقيق الذم فى أحدهما دون الأخر؟ وقد كان الأولى أن يظهر العذر ويذكر أنهما محمولان على ما وقع فيهما ، مضطران إليه ، فاللوم عنهما جميعا زائل.
** 377 مسألة :
والألسنة ويثبتهما ، فقال تعالى : ( يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة ، ويضل الله الظالمين ) [27].
والجواب عن ذلك : أن ظاهره يقتضى أنه يثبت الذين آمنوا ، وليس فيه بيان الأمر الذى يثبته عليه ، وقوله تعالى. ( بالقول الثابت ) لا يدل ظاهره على أنه الأمر الذى يثبته عليه ؛ بل يحتمل أن يراد به أنه يثبته لأجل ذلك ، كما قال تعالى : ( يهديهم ربهم بإيمانهم ) (1) وكما قال : ( فبظلم من الذين هادوا ... ) (2) إلى ما شاكله ، فلا يصح إذا أن يتعلقوا بالظاهر.
والمراد بذلك : أنه تعالى يثبتهم فى نعيم الدنيا وفيما يختصون به من الإكرام
(م 27 متشابه القرآن).
Page 417