يأمن في سلطان من كان على ما ذكرنا منهم المؤمنون، ويخاف في دولتهم وقربهم الفاسقون، خافضين لأجنحتهم، واضعين لجبريتهم. أودآهم المطيعون لله وإن بعدت أرحامهم، وأعداؤهم المحادون له وإن قربت أنسابهم، فهم كما قال الله سبحانه فيهم وفي من كان من أوليهم وآبائهم حين يقول: { قد كانت لكم أسوة حسنة في إبراهيم والذين معه إذ قالوا لقومهم إنا براء منكم ومما تعبدون من دون الله كفرنا بكم وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبدا حتى تؤمنوا بالله وحده } [الممتحنة: 4]، اتبعوا قول الله تبارك وتعالى وعملوا به حين يقول جل جلاله عن أن يحويه قول أو يناله: { لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم أولئك كتب في قلوبهم الإيمان وأيدهم بروح منه ويدخلهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها رضي الله عنهم ورضوا عنه أولئك حزب الله ألا إن حزب الله هم المفلحون } [المجادلة: 22]، أهل فضاضة على الكافرين وغلظة، ذووا رحمة بالمؤمنين ورآفة ورقة، يقيمون الصلاة، ويؤتون الزكاة، ويبتغون الفضل من الله والنجاة، ويطلبون منه الرضوان والرحمة والحياة، فهم كما قال الله فيهم وفيمن تقدم قبلهم من آبائهم ومن سلك مسلكهم من أولادهم، بهم ضرب الله الأماثيل في التوراة المطهرة والإنجيل، وهم وعدوا في واضح التنزيل المغفرة والرحمة والجزاء العظيم، ألا تسمع كيف يقول في ذلك الرحمن الرحيم:{ محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعا سجدا يبتغون فضلا من الله ورضوانا سيماهم في وجوههم من أثر السجود ذلك مثلهم في التوراة ومثلهم في الإنجيل كزرع أخرج شطأه فآزره فاستغلظ فاستوى على سوقه يعجب الزراع ليغيظ بهم الكفار وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات منهم مغفرة وأجرا عظيما } [الفتح: 29].
فأي عزة أعز من عزة أولياء الرحمن وحزبه، وأعداء الشيطان وحزبه، الذين جعلهم الله حكام أرضه، وأطلق أيديهم في إنفاذ حكمه، وأوجب طاعتهم على جميع خلقه، فأمرهم بمجاهدة الكافرين وضمن لهم النصر على من خالفهم من الفاسقين، أولاد النبي، ونسل الوصي، ومعدن العلم والرحمة، والبر والفضل والحكمة، ومختلف الملائكة المقربين، ومهبط وحي رب العالمين، الذين من الرجس طهروا، وبولادة الرسول كرموا، وبذلك في التنزيل ذكروا، وذلك قول الرحمن الرحيم فيما نزل من النور الكريم: { إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا } [الأحزاب: 33] ولكثير ما جاء من تفضيل الله عز وجل لآل الرسول صلى الله عليه وآله وسلم فيما نزل في واضح التنزيل، والقول مما يطول لو شرحنا به الكتاب، ويعظم ويجل القول والخطاب، والحمد لله على ما خصنا به من الفضل المبين، وجنبنا سبحانه عن الحظ الغبين.
Page 133