وسواء أكانت الجارية في الشام أم في المدينة، وسواء أكان الذي خلف عمر في فنه وغزله الحارث أم العرجي، فإن هذا الخبر - إن صح - يفيد أن عمر مات قبل خلافة عمر بن عبد العزيز؛ لأن العرجي والحارث عرفا وشهرا قبل ذلك الزمن. يؤيد هذا إشارة في الأغاني إلى أن الثريا صاحبة عمر، وفدت على الوليد بن عبد الملك بعد أن مات زوجها، فسألها الخليفة: هل تحفظ شيئا من شعر عمر فيها؟ فقالت: أي نعم - يرحمه الله - وفي بعض الروايات - رحمه الله، وأنشدته شيئا من شعره.
53
ولعل في هذا القول إشارة إلى أن عمر قد مات قبل آخر خلافة الوليد هذا.
وللأصبهاني رواية أخرى تذهب إلى أن عمر مات موتا يقول فيها: أنه لما مرض عمر مرضه الذي مات فيه جزع أخوه الحارث ... إلخ.
54
وهذه الرواية تشير إلى أن عمر مات من مرض، وأن موته كان قبل موت أخيه، وقد كان أخوه شابا مدركا في خلافة ابن الخطاب، وهذا الخبر يبعد احتمال وقوع موت عمر بعد سنة 93ه، وقد أورد الأصبهاني أيضا أن عمر مات، وقد قارب السبعين أو جاوزها.
وهناك رواية تفرد بذكرها فيما نعلم أبو المحاسن بن تغري بردي، لم يشر فيها إلى سبب موت عمر بل اكتفى بقوله: إن عمر مات سنة مائة وواحدة؛ أي سنة مات عمر بن عبد العزيز نفسه.
55
ولسنا نعلم من أين استقى أبو المحاسن هذا الخبر، والغريب أنه نقل عن ابن خلكان شيئا من كلامه عن ابن أبي ربيعة، ولكنه لم ينقل سنة الوفاة عنه، ولا هو أشار إلى اختلافها عما ذكر هو نفسه، وليس لدينا إلا فرض واحد نستطيع فرضه الآن، وهو أن ابن خلكان ذكر في ترجمة حياة عمر التي تبلغ نحو صفحتين من طبعة بولاق روايتين مختلفتين عن سنه حين مات؛ واحدة تشير إلى أنه كان ابن سبعين، وأخرى أنه كان ابن ثمانين، وقد تلا ذكر هذه السنين خبر عن موت والد عمر سنة ثمان وسبعين، فلا يبعد أن يكون أبو المحاسن أراد أن يجمع سن عمر إلى سن مولده؛ ليذكر متى مات، فجمع خطأ سنة موت والده المذكورة؛ وهي 78 إلى 27 وهي سنة ولادة عمر فبلغ 101، وهي السن التي ذكرها، ولا بد لنا من القول إن أبا المحاسن من المتأخرين، وليس في كل المصادر التي طالعنا ما يسنده في روايته، وإذن فإنا لا نرى داعيا لقبولها.
بقي رواية تشير إلى أن عمر مات سنة 93 للهجرة، ذكرها حاجي خليفة في كتابه «كشف الظنون» عند ذكره ديوان عمر،
Page inconnue