والمذهب الآخر أن ترد الياء، لزوال ما حذفت لأجله وهو التنوين، فتقف عليها في الرفع والجر ساكنةً، فتقول: هذا قاضي، ومررت بقاضي، فإذا وقفت على المنصوب المنون أبدلت من التنوين ألفًا ووقفت عليه وقوفك على الصحيح المنصوب المنون، فقلت: رأيت قاضيًا كما تقول: رأيت زيدًا، فإن وقفت عليه وفيه الألف واللام كان لك أيضًا فيه مذهبان، أجودهما إثبات الياء، بعكس حكمه إذا وقفت عليه منكورًا، فتقول: هذا القاضي، ومررت بالقاضي، ويجوز أن تقف بلا ياء وهو المذهب الآخر فيه، فتقول: هذا القاض، ومررت بالقاض، فإن وقفت منصوبًا أثبت الياء لا غير، فقلت: رأيت القاضي، كما تقول: رأيت الرجل.
واختلفوا في المنقوص، إذا وقفت عليه منادى، كقولك: يا قاضي ويا رامي، فاختار بعضهم إثبات الياء وقال: هذا موضع لا يلحق فيه التنوين، فحكمه حكم ما فيه الألف واللام، هذا إذا كان المنادى معروفًا واختار آخرون حذف الياء، وقالوا: النداء باب تغيير وحذف وتخفيف ولهذا دخله الترخيم فقالوا في الوقف عليه: يا قاض ويا رام. فأما ياء مري – وهو اسم الفاعل من أريت – فمثبتة في النداء إذا وقفت عليها عند الجميع لأجل الحذف الذي لزم الاسم، إذا كان الأصل مرئيًا، ثم ألزم تخفيف الهمزة، وهي عبنه، فلو حذفت ياؤه – وهي لام الاسم – لبقي الاسم على حرفين، أحدهما مزيد – وهو الميم – والآخر أصلي – وهو الراء -، وذلك إجحاف بالكلمة.
ولك في الضرورة إسكان ياء المنقوص في النصب، فيجري في أحواله الثلاث على حالة واحدة (١)، قال أبو العباس (٢): وهي من أحسن الضرورات، وصدق. وأنشدوا شاهدًا على ذلك أبياتًا كثيرة منها قوله:
_________
(١) في (ج) و(د): فيجري حينئذ على سنن واحد في أحواله الثلاث.
(٢) محمد بن يزيد المبرد (٣١٠/ ٨٢٦ – ٢٨٦/ ٨٩٩)، مولده بالبصرة ووفاته ببغداد. طبقات النحويين ١٠٨ – ١٢٠، إنباه الرواة ٣: ٢٤١، بغية الوعاة ١ أ ٢٦٩. يقول المبرد في المقتضب ٤: ٢١ "ويضطر الشاعر إلى إسكانها أي "الياء" فيكون ذلك جائزًا له".
1 / 42