عمّا يُنْصِبُ الإِعراض عند القصور للذمّ أولى وأحرى، وأدعى إلى السلامة في الأولى والأخرى.
فَمِلْتُ إلى إملاء كتاب الاستذكار لأبي عمر ابن عبد البر الأندلسي في شرحه؛ إِذْ هُوَ كِتَابٌ لَمْ يُصَنَّفُ في فَنِّهِ مِثْلُهُ (١).
والمُصَنِّف فقد اشتهر نبله وفضله، وتَضَمَّنَ كتابُه ما يُحْتَاجُ إليه كاملًا، وَيُعْجبُ من كان عالمًا فاضلًا، ويُسْتَغنَى به عن غيره من المؤلفات، واللهَ المُوَفِّقُ لإِلقائه في أبرك الأوقات والساعات، وإتمامِه وَفْقَ المأمول، وعلى مقتضى السول، بمنِّه وفضله، ويُمْنِهِ وطَوْلِه.
وقد كتب به إلي أبو عمران موسى بن عبد الرحمن بن أبي تليد الشاطبي (٢)، من الأندلس، وهو سماعه من مؤلفه على ما أعلمنيه أبو الوليد ابن الدّبّاغ (٣)، وكتبه إلّي بخطه، وهو من [أهل] (٤) المعرفة والدراية، والعارفين بمراتب الرواية.
وقال في فهرسته (٥): "كتاب الاستذكار لمذاهب علماء الأمصار فيما
_________
(١) تقدّم الحديث عن كتاب الاستذكار في الدراسة، ص ٨.
(٢) مولده سنة ٤٤٤ هـ، روى عن ابن عبد البر كثيرًا، وكان فقيهًا مفتيًا ببلده، أديبًا شاعرًا ديِّنًا فاضلًا، توفي سنة ٥١٧ هـ. (انظر ترجمته في: الصلة لابن بشكوال ٢/ ٥٧٦، والمعجم لابن الأبار، ص ١٩٤، والسير ١٩/ ٥١٦).
(٣) هو يوسف بن عبد العزيز بن يوسف بن عمر بن فيره الليثي، أبو الوليد ابن الدباغ، مولده سنة ٤٨٢ هـ روى عن أبي علي الصدفي كثيرًا، ولازمه طويلًا، قال ابن بشكوال: وكان من أنبل أصحابنا وأعرفهم بطريقة الحديث وأسماء الرجال وأزمانهم وثقاتهم وضعفائهم وأعمارهم، ومن أهل العناية الكاملة بتقييد العلم ولقاء الشيوخ، توفي سنة ٥٤٦ هـ. (انظر ترجمته في الصلة: ٢/ ٦٤٤، ٦٤٥، والسير ٢٠/ ٢٢٠).
(٤) زيادة من م ليست في الأصل.
(٥) قال الذهبي في السير (٢٠/ ٢٢٠): "رأيت برنامجه، وقد سمع كتبًا كبارًا".
1 / 34