Muntaqa Min Minhaj Ictidal
المنتقى من منهاج الاعتدال في نقض كلام أهل الرفض والاعتزال
Chercheur
محب الدين الخطيب
ذَلِك أَو قَالَ إِنَّه جَوْهَر وَأَرَادَ بذلك أَنه قَائِم بِنَفسِهِ فَهُوَ مخطيء فِي اللَّفْظ لَا الْمَعْنى
أما إِذا قَالَ إِنَّه مركب من جَوَاهِر مُنْفَرِدَة فَفِي كفره تردد
ثمَّ الْقَائِلُونَ بِأَن الْجِسْم مركب من جَوَاهِر قد تنازعوا فِي مُسَمَّاهُ فَقيل الْجَوْهَر الْوَاحِد بِشَرْط إنضمام غَيره إِلَيْهِ يكون جسما كَقَوْل ابْن الباقلاني وَأبي يعلى وَغَيرهمَا وَقيل بل الجوهران فَصَاعِدا وَقيل بل أَرْبَعَة فَصَاعِدا وَقيل بل سِتَّة فَصَاعِدا وَقيل بل ثَمَانِيَة فَصَاعِدا وَقيل سِتَّة عشر وَقيل بل إثنان وَثَلَاثُونَ
فقد تبين أَن فِي هَذَا اللَّفْظ من المنازعات اللُّغَوِيَّة والإصطلاحية والعقلية والشرعية مَا يبين أَن الْوَاجِب الإعتصام بِالْكتاب وَالسّنة قَالَ الله تَعَالَى ﴿واعتصموا بِحَبل الله جَمِيعًا وَلَا تفَرقُوا﴾ وَقَالَ تَعَالَى ﴿اتبعُوا مَا أنزل إِلَيْكُم من ربكُم﴾ وَقَالَ تَعَالَى ﴿وَإِذا قيل لَهُم تَعَالَوْا إِلَى مَا أنزل الله وَإِلَى الرَّسُول رَأَيْت الْمُنَافِقين يصدون عَنْك صدودا﴾
قَالَ ابْن عَبَّاس تكفل الله لمن قَرَأَ الْقُرْآن وَعمل بِهِ أَن لَا يضل فِي الدُّنْيَا وَلَا يشقى فِي الْآخِرَة ثمَّ قَرَأَ ﴿وَمن أعرض عَن ذكري فَإِن لَهُ معيشة ضنكا﴾ الْآيَات
فَمَا أثْبته الله وَرَسُوله أَثْبَتْنَاهُ وَمَا نَفَاهُ الله وَرَسُوله نفيناه
فالنصوص نعتصم بهَا فِي الْإِثْبَات وَالنَّفْي لفظا وَمعنى أما أَلْفَاظ تنَازع فِيهَا من ابتدعها كالجسم والجوهر والتحيز والجهة والتركيب والتعين فَلَا تطلق نفيا وَلَا إِثْبَاتًا حَتَّى ينظر فِي مَقْصُود قَائِلهَا فَإِن أَرَادَ بِالنَّفْيِ أَو الْإِثْبَات معنى صَحِيحا مُوَافقا للنصوص صوب الْمَعْنى الَّذِي قَصده بِلَفْظِهِ وزجر عَن اللَّفْظ المبتدع الْمُجْمل
إِلَّا عِنْد الْحَاجة فِي محاورة الْخصم مَعَ قَرَائِن تبين المُرَاد بهَا مثل أَن يكون الْخطاب مَعَ من لَا يتم الْمَقْصُود مَعَه إِن لم يُخَاطب بهَا
وَأما أَن يُرَاد بهَا معنى بَاطِل فَهَذَا ضلال وَإِن أُرِيد بهَا حق وباطل عرف الْخصم وَفسّر لَهُ هَذَا من هَذَا
وَإِن اتّفق شخصان على معنى وتنازعا فِي دلائله فأقربهما إِلَى الصَّوَاب من وَافق اللُّغَة المنقولة
1 / 109