ترآتْ لنا بجيدِ آدمَ شادِنٍ ... ومنسجرٍِ وحفٍ أثيُثِ المفارِقِ
وتبسمُ عنْ غرِّ الثنايا مفلجٍ ... كنورِ الأقاحِي في دماثِ الشقائقِ
وما روضةٌ وسمِيَّةٌ رجبيةٌ ... ولتهَا غيوثُ المدجناتِ البوارقِ
حمتها رِماحُ الحربِ حتى تهولتْ ... بزاهِرِ لونٍ مثلِ وشي النمارقِ
بأحسنِ من سلمَى غداةَ لقيتُها ... بمندفعِ الميثاءِ منْ روضِ ماذِقِ
كأنَّ ثَناياها اصطبحْنَ مدامَةً ... منَ الخمرِ سنَّا فوقَها ماءُ بارِقِ
ولوْ سألَتْ عنَّا سُلَيْمى لخبرَتْ ... إذا الحجراتُ زينتْ بالمغالِقِ
بأنَّ نُعِينُ المُستَعِينَ على النَّدَى ... ونحفظُ فرجَ المقدمِ المتضايقِ
وجارٍ غريبٍ حلَّ فينا فلمْ نكنْ ... لهُ غيرَ غيثٍ بنبتِ البقلُ وادِقِ
نكونُ لهُ من حولِهِ وورائهِ ... ونؤمنهُ منْ طارِقاتِ البوائقِ
ومستلحمٍ قد أنفذتهُ رِماحُنَا ... وكانَ يظنُّ أنَّهُ غيرُ لاحِقِ
هنأْنا فلمْ نمنُنْ عليهِ طعامَنا ... إذا ما نَبا عنهُ قريبُ الأصادِقِ
فظلَّ يُبارِي ظلَّ رأسٍ مرجَّلٍ ... قد آزَرَ الجرجار ُ زهرَ الحدائِقِ
وعان كبيلٍ قدْ فككنا قيودَهُ ... وغلًا نبيلًا بيْنَ خدٍّ وعاتقِ
ويا سلْمَ ما أدراكِ إنَّ رُبَّ فتيةٍ ... ذوي نيقةٍ في صالحاتِ الخلائقِ
إذا نزلتْ حمرُ التجارِ تباشروا ... وراحُوا بفتيانِ العشيِّ المَخارِقِ
فأمسَوا يجرُّونَ الزقاقَ وبزَّها ... بشفعِ القلاصِ والمخاضِ النوافِقِ
وقدْ علمتْ أبناءَ خندفَ أنَّنا ... رُعاةُ قواصيها وحامُوا الحقائِقِ
وأنَّا أولوا أحكامِها وذوو النُّهَى ... وفرسانِ غاراتِ الصباحِ الدمالِقِ
وإنَّا لنقرِي حينَ نحمِدُ بالقرَى ... بقايا شحومِ الآبيَاتِ المفارِقِ
ونضرِبُ رأسَ الكبش في حومةِ الوَغَى ... وتحمدُنا أشياعُنا في المشارِقِ
ومستهنئِ ذي قروتين مدفعٍ ... برتْهُ بوارٍ منْ سنينَ عوارِقِ
وقال الأسود بن يعفر أيضًا: السريع
هلْ لشبابٍ فاتَ منْ مطلَبِ ... أم مَا بكاءُ البَدَن الأشْيَبِ
إلاَّ الأضَالِيلُ ومنْ لا يزَلْ ... يوفِي على مهلكهِ يعطبِ
بدلتُ شيبًا قد علاَ لمَّتِي ... بعدَ شبابٍ حسَنٍ معجبِ
صاحبتُهُ ثمتَ فارقتُهُ ... ليتَ شبابي ذاكَ لمْ يذْهَبِ
وقدْ أرانِي والبِلَى كاسْمِهِ ... إذْ أنا لمْ أصلَعْ ولمْ أحدَبِ
ولمْ يُعرنِي الشيبُ أثوابهُ ... أُصْبِي عيونَ البيضِ كالرَّبرَبِ
كأنَّما يومِي حولٌ إذا ... لمْ أشهدِ اللهوَ ولمْ ألْعَبِ
وقهوةٍ صهباءَ باكرْتُها ... بجهمةٍ والدِّيكُ لمْ ينعَبِ
وطامِحِ الرأسِ طويلِ العَمَى ... يذهبُ جهلًا كلَّما مذْهَبِ
كويتهُ حنَ عَدا طورَهُ ... في الرأسِ منهُ كيَّةَ المكلِبِ
وغارةٍ شعواءَ ناهَبْتُها ... بسابحٍ ذي خضرٍ ملهبِ
تراهُ بالفارسِ منْ بَعْدِ ما ... نكسَ ذو اللامَةِ كالأنكَبِ
وصاحبٍ نبَّهتُهُ موهِنًا ... ليسَ بأنَّاحٍ ولا جأنَبِ
أروعَ بهلولٍ خميصِ الحشا ... كالنصلِ ما تركَبْ بهِ يركَبِ
فقامَ وسنانَ إلى رحلِهِ ... وجسرةٍ دوسرَةٍ ذعلبِ
ومربَأ كالزُّجِ أشرفتُهُ ... والشَّمسُ قَدْ كادَتْ ولمْ تعرُبِ
تلفنِي الريحُ على رأسهِ ... كأننِي صقرٌ على مرقَبِ
ذاك وموْلِيٍّ يمجُّ الندى ... قريانُهُ أخضَرَ مغلَولبِ
قفْرٍ حمتْهُ الخيلُ حتَّى كأنْ ... زاهره أغشِيَ بالزرنَبِ
جَادَ السِّماكانِ بقريانِهِ ... بالنجمِ والنثْرَةِ والعقْرَبِ
كأنَّ أصْواتَ عصافِيرِهِ ... أصواتُ راعِي ثلَّةٍ مخصِبِ
قُدتُ به أجردَ ذا ميعةٍ ... عبلَ الشوَى كالصَّدعِ الأشعبِ
فردًا تغنيني مكاكيُّهُ ... تغنيَ الولدانِ والملعَبِ
وقال الأسود بن يعفر يمدح بني محلمٍ: الطويل
أجارَتَنا غُضِّي منَ السيرِ أو قِفِي ... وإنْ كنتِ لما تزمعِي البيْنَ فاصرفِي
1 / 38