عليهنَّ يومَ الوردِ حقٌّ وحرمةٌ ... وهنَّ غداةَ الغبِّ عندكَ حفلُ
فإنْ تصدُري يحلبنَ دونَكِ حلبةً ... وإن تحضري يلبثْ عليك المعجلُ
لعمري لقدْ أنكرتُ نفسي ورابني ... معَ الشيبِ أبدَالي التي أتبدَّلُ
فضولٌ أراها في أديميَ بعدَ ما ... يكونُ كفافَ اللحمِ أو هو أجملُ
كأنَّ محطًا من يديْ حارثيةٍ ... صناعٍ علتْ مني به الجلدِ منْ علُ
دعاني العذارى عمهنَّ وخلتني ... لي اسمٌ فلا أدعَى بهِ وهو أولُ
وقولي إذا ما أطلقوا عن بعيرهم ... تلاقونه حتى يؤوبَ المنخلُ
فيضْحِي قريبًا غيرَ ذاهبِ غربةٍ ... وأرسلُ أيمانِي ولا أتحللُ
وظلْعي ولمْ أُكسرْ وأنَّ ظعينتي ... تلفُّ بنيها في الدثارِ وأعزلُ
وكنتُ صَفيَّ النفسِ لا أستزيدُها ... فقدْ كدتُ من أقصاءِ جنبي أذهلُ
وبطئ عن الداعي فلستُ بآخذٍ ... إليه سلاحي مثلَ ما كنتُ أفعلُ
وقد كنتُ لا تشوي سهامي رميةً ... فقدْ جعلتْ نبلِي تطيشُ وتنصلُ
يودُّ الفتى طولَ السلامةِ جاهدًا ... فكيفَ ترى طولَ السلامةِ تفعلُ
تداركَ ما بعدَ الشبابِ وقبلهُ ... حوادثُ أيامٍ تمرُّ وأغفلُ
يودُّ الفتى بعدَ اعتدالٍ وصحةٍ ... ينوءُ إذا رامَ القيامَ ويحملُ
وقال أيضًا الوافر
ألمَّ بصحبتي وهمُ هجودٌ ... خيالٌ طارقٌ منْ أمِّ حصنِ
ألم ترها تريكَ غداةَ بانَتْ ... بملءِ العينِ منْ كرَمٍ وحُسْنِ
سقيةَ بينَ أنهارٍ ودورٍ ... وزرعٍ نابتٍ وكروم جفنِ
لهَا ما تشتهي عسلٌ مصفًى ... إذا شاءتْ وحوارِي بسمنِ
فأعطتْ كلَّما سئلتْ شبابًا ... فأنبتها نباتًا غير جحنِ
فقلتُ وكيف صادَتني سليمى ... ولمَّا أرْمِها حتى رمتنِي
كنودٌ لا تمنُّ ولا تفادِي ... إذا غلقتْ حبائلها برهنِ
وقلتُ لصحبتي ماذا دهَاها ... إلى شُعثٍ وأنضاءٍ بمتنِ
خفياتُ الشخوصِ وهنَّ عيسٌ ... كأنَّ جلودهنَّ ثيابُ مرنِ
خرجنَ من الخوارِ وعدنَ فيهِ ... وقدْ وازنَّ منْ أجلي برعنِ
ألا يا ليتني حجرٌ بوادٍ ... أنامَ وليتَ أمي لمْ تلدني
ألا يا حادِ ويحكَ لا تلُمنِي ... ونفسك لا تُضيعها ودعنِي
فإنِّي قد لبستُ العيشَ حتى ... مللتُ من الحياةِ فقلتُ قَدنِي
ولاقيتُ الخُيورَ وأخطأتني ... شرورٌ جمةٌ وعلوتُ قرنِي
يلومُ أخي على إهلاكِ مالي ... وما إنْ غالهُ ظهري وبطني
ولا ضيعتهُ فالأمُ فيهِ ... فإنَّ ضياعَ مالكَ غيرُ معنِ
ولكنْ كلُّ مختبطٍ فقيرٍ ... يقولُ ألا استمعْ أنبئكَ شأني
ومسكينٌ وأعمَى قالَ يومًا ... أغثنِي للآلهِ ولا تدعني
وإعطائي ذوي الأرحامِ منهُ ... وتوسيعي لذي عجزٍ وضغنِ
أقي حسبي به ويعزُّ عرضي ... عليَّ إذا الحفيظةُ أدركتني
وأعلمُ أنْ ستدركني المَنَايا ... فإنْ لا أتبعْها تتبعنِي
رأيتُ المانعين المالَ يومًا ... مصيرهمُ لإلقاءٍ فدفِنِ
وقال النمر بن تولب: البسيط
شطّتْ بجمرةَ دارٌ بعدَ إلمامِ ... نأيُّ وطولُ بعادٍ بينَ أقوامِ
حلتْ بتيماءَ في قومٍ إذا اجتمعوا ... في الصبحِ نادَى مناديهم بأشْأمِ
وقدْ لهوتُ بها والدَّارُ جامعةٌ ... بالخرجِ فالنهي فالعوراءِ فالدَّامِ
حتى اشتفى وشفَى منها لبانتهُ ... وما يزيدُ شفاءً غيرَ إسقامِ
كأنَّ جمرةَ أو عزَّتْ لها شبهًا ... في العينِ يومَ تلاقينا بأَرْمامِ
ميثاءُ جادَ عليها مسبِلٌ هطلٌ ... فأمرعَتْ لاحتيالٍ فرطَ أعوامِ
إذا يخفُّ ثراهَأ بلها ديمٌ ... منْ كوكبٍ نزلٍ بالماءِ سجامِ
لم يرعها أحدٌ وارتبها زمنًا ... فأوٌ منَ الأرضِ محفوفٌ بأعلامِ
تسمعُ للطير في حافاتها زجلًا ... كأنَّ أصواتها أصواتُ جرامِ
كأنَّ ريحَ خزاماها وحنوتهَا ... بالليل ريحُ يلنجُوجٍ وأهضامِ
أليسَ جهلًا بذي شيبٍ تذكرهُ ... ملهى ليالٍ خلتْ منهُ وأيامِ
ومنهلٍ لا ينامُ القومُ حضرتهُ ... منَ المخافةِ أجنٌ ماؤهُ طامِي
1 / 21