Résumé de Zad Al-Ma'ad
مختصر زاد المعاد
Maison d'édition
دار الريان للتراث
Numéro d'édition
الثانية
Année de publication
١٤٠٧هـ - ١٩٨٧م
Lieu d'édition
القاهرة
إخراج دغل القلب من الصفات المذمومة، ومنه ترك فضول النظر والكلام، والاستماع والخلطة، والأكل والنوم.
[فَصْلٌ فِي هَدْيِهِ ﷺ في الصيام]
فَصْلٌ
فِي هَدْيِهِ ﷺ فِي الصِّيَامِ لَمَّا كَانَ الْمَقْصُودُ مِنَ الصِّيَامِ حبس النفس عن الشهوات، لتستعد لطلب ما فيه غاية سعادتها، وَقَبُولِ مَا تَزْكُو بِهِ مِمَّا فِيهِ حَيَاتُهَا الأبدية، ويكسر الجوع والظمأ من حدتها، ويذكرها بحال الأكباد الجائعة من المساكين، وتضييق مَجَارِي الشَّيْطَانِ مِنَ الْعَبْدِ بِتَضْيِيقِ مَجَارِي الطَّعَامِ والشراب، فَهُوَ لِجَامُ الْمُتَّقِينَ، وَجُنَّةُ الْمُحَارِبِينَ، وَرِيَاضَةُ الْأَبْرَارِ المقربين، وهو لرب العالمين من بين الْأَعْمَالِ، فَإِنَّ الصَّائِمَ لَا يَفْعَلُ شَيْئًا، وَإِنَّمَا يترك شهوته، فهو ترك المحبوبات لمحبة الله، وهو سر بين العبد وربه، إذ العباد قد يطلعون عَلَى تَرْكِ الْمُفْطِرَاتِ الظَّاهِرَةِ، وَأَمَّا كَوْنُهُ تَرَكَ ذلك، لأجل معبوده، فأمر لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ بَشَرٌ، وَذَلِكَ حَقِيقَةُ الصَّوْمِ.
وله تَأْثِيرٌ عَجِيبٌ فِي حِفْظِ الْجَوَارِحِ الظَّاهِرَةِ، وَالْقُوَى الباطنة عن التخليط الجالب لها المواد الفاسدة، وَاسْتِفْرَاغِ الْمَوَادِّ الرَّدِيئَةِ الْمَانِعَةِ لَهَا مِنْ صِحَّتِهَا، فَهُوَ مِنْ أَكْبَرِ الْعَوْنِ عَلَى التَّقْوَى، كَمَا قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾ [البقرة: ١٨٣] (١) .
وأمر ﷺ من اشتدت شهوته للنكاح، وَلَا قُدْرَةَ لَهُ عَلَيْهِ بِالصِّيَامِ، وَجَعَلَهُ وِجَاءَ هذه الشهوة (٢) .
وكان هديه ﷺ فيه أكمل هدي، وأعظمه تحصيلا لِلْمَقْصُودِ، وَأَسْهَلَهُ عَلَى النُّفُوسِ، وَلَمَّا كَانَ فَطْمُ النفوس عن شهواتها ومألوفاتها من أشق الأمور، تأخر فرضه إلى ما بعد الهجرة، وَفُرِضَ أَوَّلًا عَلَى وَجْهِ التَّخْيِيرِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أن يطعم كل يوم مسكينا، ثم حتم الصَّوْمِ، وَجُعِلَ الْإِطْعَامُ لِلشَّيْخِ الْكَبِيرِ وَالْمَرْأَةِ إِذَا لم يطيقا، ورخص للمريض والمسافر أن يفطرا، ويقضيا، والحامل والمرضع إذا خافتا على
_________
(١) ١٨٣ البقرة.
(٢) رواه البخاري " يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ، مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمُ الْبَاءَةَ فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن لِلْفَرْجِ وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ له وجاء ".
1 / 47