خلافة الإمام أبي بكر بن أفلح ولي الخلافة هذا الإمام في سنة 240 ه (854 م) و هي السنة التي مات فيها والده العظيم و قد حملوه أعباء الخلافة مع قلة كفاءته لأن أخاه أبا اليقظان الذي هو أقدر منه على إدارة شؤونها قد توجه إلى الديار المقدسة لأداء فريضة الحج فقبض عليه ولاة بني العباس و أرسلوه إلى بغداد فأودعوه السجن رفقة أخ الخليفة ( الرفيق هو المتوكل ) لأنه كان مغضوبا عليه من أخيه الواثق الجالس وقتئذ على العرش ، و قد أجرى الواثق على الرفيقين راتبا يوميا قدره 120 درهما لكل واحد منهما فانعقدت بينهما الصداقة التي كانت السبب في ترك سبيل أبي اليقظان ثم الإذن له في العودة إلى بلاده بعدما ارتقى العرش رفيقه بمدة. و قد صح أن الإمام أبا بكر لم يحسن الإدارة كأسلافه و لا كان دينا عادلا يقظا كآبائه بل انغمس في الترف و النعيم و مال إلى السرف و الراحة و اللهو و أسلم مقاليد الخلافة لصهره محمد بن عرفة أحد الأعيان المحترمين المعدود من أجود الناس يدا و أبهاهم خلقا و خلقا ، استمال كثيرا من قلوب الرعية فمالوا إليه قلبا و قالبا و استبد على الإمام بالأمر إلى درجة أغاظت البيت المالك و أيقظت الإمام فحسن له بعضهم الفتك بابن عرفة فصوبه و تم له ذلك بطريقة سرية و لكنها اكتشفت فأضرم قتله فتنة عظيمة الخطر شديدة البلوى كادت تهلك الحرث و النسل لولا أن تدارك الله الأمر بعودة أبي اليقظان من الشرق فبايعوه في الحال و بعد مشاق و أهوال أعاد المياه إلى مجاريها و الأمر إلى نصابه.
Page 46