Le Tafsir condensé d'Ibn Kathir

Muhammad Ali Sabuni d. 1450 AH
64

Le Tafsir condensé d'Ibn Kathir

مختصر تفسير ابن كثير

Maison d'édition

دار القرآن الكريم

Numéro d'édition

السابعة

Année de publication

١٤٠٢ هـ - ١٩٨١ م

Lieu d'édition

بيروت - لبنان

Genres

- ٨٨ - وَقَالُواْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَل لَّعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَقَلِيلًا مَّا يؤمنون ﴿وَقَالُواْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ﴾ أَيْ فِي أَكِنَّةٍ: وَقَالَ ابن عباس: أي لا تفقه، وهي القلوب المطبوع عليها، وقال مجاهد: عليها غشاوة، وقال السدي: عليها غلاف وهو الغطاء فلا تعي ولا تفقه. ﴿بَل لَّعَنَهُمُ الله بِكُفْرِهِمْ﴾ أي طردهم الله وأبعدهم من كل خير ﴿فَقَلِيلًا مَّا يُؤْمِنُونَ﴾ معناه: لا يؤمن منهم إلا القليل، وقال عبد الرحمن بن زيد في قوله: ﴿غُلفٌ﴾ تقول قلبي في غلاف فلا يخلص إليه مما تقول شيء، وقرأ: ﴿وَقَالُواْ قُلُوبُنَا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ﴾ وهذا الذي رجحه ابن جرير واستشهد بما روي عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ: «الْقُلُوبُ أَرْبَعَةٌ» فَذَكَرَ مِنْهَا: «وقلبُ أَغْلَفُ مَغْضُوبٌ عَلَيْهِ وَذَاكَ قَلْبُ الْكَافِرِ» (أخرجه ابن جرير عَنْ أَبِي الْبَخْتَرِيِّ عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ) " وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى: ﴿بَل لَّعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَقَلِيلًا مَّا يُؤْمِنُونَ﴾ أَيْ لَيْسَ الْأَمْرُ كَمَا ادَّعَوْا بَلْ قُلُوبُهُمْ مَلْعُونَةٌ مَطْبُوعٌ عَلَيْهَا كَمَا قال تعالى: ﴿وَقَوْلِهِمْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَلْ طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ فَلاَ يُؤْمِنُونَ إلا قليلًا﴾ وَقَدِ اخْتَلَفُوا فِي مَعْنَى قَوْلِهِ ﴿فَقَلِيلًا مَّا يُؤْمِنُونَ﴾ وَقَوْلُهُ: ﴿فَلَا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا﴾ فَقَالَ بعضهم: فقليل من يؤمن منهم، وَقِيلَ: فَقَلِيلٌ إِيمَانُهُمْ بِمَعْنَى أَنَّهُمْ يُؤْمِنُونَ بِمَا جَاءَهُمْ بِهِ مُوسَى مِنْ أَمْرِ الْمَعَادِ وَالثَّوَابِ وَالْعِقَابِ وَلَكِنَّهُ إِيمَانٌ لَا يَنْفَعُهُمْ لِأَنَّهُ مَغْمُورٌ بِمَا كَفَرُواْ بِهِ مِن الذِي جَاءَهُمْ بِهِ مُحَمَّدٌ ﷺ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إنما كَانُوا غَيْرُ مُؤْمِنِينَ بِشَيْءٍ وَإِنَّمَا قَالَ: ﴿فَقَلِيلًا مَّا يُؤْمِنُونَ﴾ وَهُمْ بِالْجَمِيعِ كَافِرُونَ كَمَا تَقُولُ العرب: قلَّما رأيت مثل هذا قط نريد ما رأيت مثل هذا قط، والله أعلم.
- ٨٩ - وَلَمَّا جَآءَهُمْ كِتَابٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِّمَا مَعَهُمْ وَكَانُواْ مِن قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جَآءَهُمْ مَّا عَرَفُواْ كَفَرُواْ بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكَافِرِينَ يَقُولُ تَعَالَى: ﴿وَلَمَّا جَآءَهُمْ﴾ يَعْنِي الْيَهُودَ ﴿كِتَابٌ مِّنْ عِندِ اللَّهِ﴾ وَهُوَ الْقُرْآنُ الذِي أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ ﷺ ⦗٨٨⦘ ﴿مُصَدِّقٌ لِّمَا مَعَهُمْ﴾ يعني التَّوْرَاةِ، وَقَوْلُهُ: ﴿وَكَانُواْ مِن قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُواْ﴾ أَيْ وَقَدْ كَانُوا مِنْ قَبْلِ مَجِيءِ هَذَا الرَّسُولِ بِهَذَا الْكِتَابِ يَسْتَنْصِرُونَ بِمَجِيئِهِ عَلَى أَعْدَائِهِمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ إِذَا قَاتَلُوهُمْ، يَقُولُونَ إِنَّهُ سَيُبْعَثُ نَبِيٌّ فِي آخِرِ الزَّمَانِ نَقْتُلُكُمْ مَعَهُ قَتْلَ عَادٍ وَإِرَمَ، فَلَمَّا بَعَثَ اللَّهُ رسوله من قريش كفروا به. قَالَ الضَّحَّاكُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: ﴿وَكَانُواْ مِن قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُواْ﴾ قال يستنصرون: يَقُولُونَ نَحْنُ نُعِينُ مُحَمَّدًا عَلَيْهِمْ وَلَيْسُوا كَذَلِكَ بل يُكَذِّبُونِ. وقال محمد بن إسحاق عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ يَهُودَ كَانُوا يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الْأَوْسِ وَالْخَزْرَجِ بِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ قَبْلَ مَبْعَثِهِ، فَلَمَّا بَعَثَهُ اللَّهُ مِنَ الْعَرَبِ كَفَرُوا بِهِ وَجَحَدُوا مَا كَانُوا يَقُولُونَ فِيهِ. فَقَالَ لَهُمْ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ: يَا مَعْشَرَ يَهُودَ اتَّقَوُا اللَّهَ وَأَسْلِمُوا فَقَدْ كُنْتُمْ تَسْتَفْتِحُونَ عَلَيْنَا بِمُحَمَّدٍ ﷺ ونحن أهل شرك وتخبروننا بأنا مبعوث وتصفونه بِصِفَتِهِ، فَقَالَ (سلاَم بْنُ مِشْكَمٍ﴾ أَخُو بَنِي النَّضِيرِ: مَا جَاءَنَا بِشَيْءٍ نَعْرِفُهُ وَمَا هُوَ بِالذِي كُنَّا نَذْكُرُ لَكُمْ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ فِي ذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِمْ: ﴿وَلَمَّا جَآءَهُمْ كِتَابٌ مِّنْ عِندِ الله مُصَدِّقٌ لِّمَا مَعَهُمْ﴾ الآية. وَقَالَ الْعَوْفِيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: ﴿وَكَانُواْ مِن قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُواْ﴾ يَقُولُ: يَسْتَنْصِرُونَ بِخُرُوجِ مُحَمَّدٍ ﷺ عَلَى مُشْرِكِي الْعَرَبِ، يَعْنِي بِذَلِكَ أَهْلَ الْكِتَابِ، فَلَمَّا بُعث مُحَمَّدٌ ﷺ وَرَأَوْهُ من غيرهم - كفروا به وحسدوه. قال مجاهد: ﴿فَلَعْنَةُ الله عَلَى الكافرين﴾ هم اليهود.

1 / 87