Le Tafsir condensé d'Ibn Kathir
مختصر تفسير ابن كثير
Maison d'édition
دار القرآن الكريم
Numéro d'édition
السابعة
Année de publication
1402 AH
Lieu d'édition
بيروت
Genres
Tafsir
- ٢٦ - قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَآءُ وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَآءُ وَتُعِزُّ مَن تَشَآءُ وَتُذِلُّ مَن تَشَآءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ
- ٢٧ - تُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَتُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَتُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَتَرْزُقُ مَن تَشَآءُ بغير حساب
يقول ﵎: ﴿قل﴾ يا محمد معظمًا لربك وشاكرًا له ومفوضًا إليه ومتوكلًا عليه ﴿اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ﴾ أَيْ لَكَ الْمُلْكُ كُلُّهُ، ﴿تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَآءُ وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَآءُ وَتُعِزُّ مَن تَشَآءُ وَتُذِلُّ مَن تَشَآءُ﴾: أَيْ أَنْتَ الْمُعْطِي وَأَنْتَ الْمَانِعُ، وَأَنْتَ الَّذِي مَا شِئْتَ كَانَ وَمَا لَمْ تَشَأْ لَمْ يَكُنْ، وَفِي هَذِهِ الْآيَةِ تَنْبِيهٌ وَإِرْشَادٌ إِلَى شُكْرِ نِعْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى، عَلَى رَسُولِهِ ﷺ وَهَذِهِ الْأُمَّةِ، لِأَنَّ اللَّهَ تعالى حَوَّلَ النُّبُوَّةَ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ إِلَى النَّبِيِّ العربي القرشي خَاتَمِ الْأَنْبِيَاءِ عَلَى الْإِطْلَاقِ، وَرَسُولِ اللَّهِ إِلَى جَمِيعِ الثَّقَلَيْنِ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ، الَّذِي جَمَعَ اللَّهُ فِيهِ مَحَاسِنَ مَنْ كَانَ قَبْلَهُ، وخصَّه بِخَصَائِصَ لَمْ يُعْطِهَا نَبِيًّا مِنَ الْأَنْبِيَاءِ، وَلَا رَسُولًا مِنَ الرُّسُلِ، فِي الْعِلْمِ بِاللَّهِ وَشَرِيعَتِهِ وَإِطْلَاعِهِ على الغيوب الماضية والآتية، وكشفه له عَنْ حَقَائِقِ الْآخِرَةِ، وَنَشْرِ أُمَّتِهِ فِي الْآفَاقِ فِي مَشَارِقِ الْأَرْضِ وَمَغَارِبِهَا، وَإِظْهَارِ دِينِهِ وَشَرْعِهِ عَلَى سَائِرِ الْأَدْيَانِ وَالشَّرَائِعِ فَصَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ دَائِمًا إِلَى يَوْمِ الدِّينِ مَا تَعَاقَبَ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ، وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى: ﴿قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الملك﴾ الآية، أَيْ: أَنْتَ الْمُتَصَرِّفُ فِي خَلْقِكَ الْفَعَّالُ لِمَا تريد، كما رد تعالى على من يحكم عَلَيْهِ فِي أَمْرِهِ حَيْثُ قَالَ: ﴿وَقَالُواْ لَوْلاَ نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِّنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ﴾، قال الله ردًا عليهم: ﴿أَهُمْ يَقْسِمُونَ رحمة ربك﴾؟ الآية: نحن نتصرف فيما خَلْقِنَا كَمَا نُرِيدُ، بِلَا مُمَانِعٍ وَلَا مُدَافِعٍ، ولنا الحكمة البالغة والحجة التامة في ذلك، وهكذا يعطي النبوة لمن يريد، كما قال تعالى: ﴿والله أعلم حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ﴾ وَقَالَ تَعَالَى ﴿انْظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ﴾ الآية.
وقوله تعالى: ﴿تُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَتُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ﴾ أَيْ تَأْخُذُ مِنْ طُولِ هَذَا فَتَزِيدُهُ فِي قِصَرِ هَذَا فَيَعْتَدِلَانِ، ثُمَّ تَأْخُذُ مِنْ هَذَا فِي هَذَا فَيَتَفَاوَتَانِ ثُمَّ يَعْتَدِلَانِ، وَهَكَذَا فِي فُصُولِ السَّنَةِ رَبِيعًا وَصَيْفًا وَخَرِيفًا وَشِتَاءً. وقوله تعالى: ﴿وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَتُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الحي﴾ أي تخرج الزرع من الحب، والحب من الزرع، وَالنَّخْلَةَ مِنَ النَّوَاةِ وَالنَّوَاةَ مِنَ النَّخْلَةِ، وَالْمُؤْمِنَ مِنَ الْكَافِرِ وَالْكَافِرَ مِنَ الْمُؤْمِنِ، وَالدَّجَاجَةَ مِنَ الْبَيْضَةِ وَالْبَيْضَةَ مِنَ الدَّجَاجَةِ، وَمَا جَرَى هَذَا المجرى من جميع الأشياء: ﴿ترزق مَن تَشَآءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ﴾ أَيْ تُعْطِي مَنْ شِئْتَ مِنَ الْمَالِ مَا لَا يَعُدُّهُ وَلَا يَقْدِرُ عَلَى إِحْصَائِهِ، وَتَقْتُرُ عَلَى آخَرِينَ لِمَا لَكَ فِي ذَلِكَ مِنَ الْحِكْمَةِ وَالْإِرَادَةِ وَالْمَشِيئَةِ. عن ابن عَبَّاسٍ ﵄ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: «اسْمُ اللَّهِ الْأَعْظَمُ الَّذِي إِذَا دُعِيَ بِهِ أَجَابَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ مِنْ آلِ عِمْرَانَ ﴿قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَآءُ وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَآءُ وَتُعِزُّ مَن تَشَآءُ وَتُذِلُّ مَن تَشَآءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قدير﴾» (أخرجه الطبراني عن ابن عباس مرفوعًا)
- ٢٨ - لاَّ يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَآءَ مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلاَّ أَن
1 / 275