Le Tafsir condensé d'Ibn Kathir
مختصر تفسير ابن كثير
Maison d'édition
دار القرآن الكريم
Numéro d'édition
السابعة
Année de publication
1402 AH
Lieu d'édition
بيروت
Genres
Tafsir
مِنَ النَّبِيِّينَ حِينَ بَلَّغُوهُمْ عَنِ اللَّهِ شَرْعَهُ، بغير سبب ولا جريمة منهم إليهم إِلَيْهِمْ إِلَّا لِكَوْنِهِمْ دَعَوْهُمْ إِلَى الْحَقِّ ﴿وَيَقْتُلُونَ الَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النَّاسِ﴾ وَهَذَا هُوَ غاية الكبر. عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ الْجَرَّاحِ ﵁ قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ الله أي النَّاسِ أَشَدُّ عَذَابًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ؟ قَالَ: «رَجُلٌ قَتَلَ نَبِيًّا، أَوْ مَنْ أَمَرَ بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَى عَنِ الْمُنْكَرِ» ثُمَّ قَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ، وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَيَقْتُلُونَ الَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النَّاسِ، فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ﴾ الْآيَةَ. ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «يَا أَبَا عُبَيْدَةَ قَتَلَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ ثَلَاثَةً وَأَرْبَعِينَ نَبِيًّا مِنْ أَوَّلِ النَّهَارِ في ساعة واحد، فَقَامَ مِائَةٌ وَسَبْعُونَ رَجُلًا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ فَأَمَرُوا مَنْ قَتَلَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ فقتلوهم جَمِيعًا مِنْ آخِرِ النَّهَارِ مِنْ ذَلِكَ الْيَوْمِ، فهم الذين ذكر اللَّهِ ﷿» (رَوَاهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وابن جرير) وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ ﵁ قَالَ: قَتَلَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ ثَلَاثَمِائَةِ نَبِيٍّ مِنْ أَوَّلِ النَّهَارِ وَأَقَامُوا سُوقَ بَقْلِهِمْ مِنْ آخره، وَلِهَذَا لَمَّا أَنْ تَكَبَّرُوا عَنِ الْحَقِّ وَاسْتَكْبَرُوا عَلَى الْخَلْقِ قَابَلَهُمُ اللَّهُ عَلَى ذَلِكَ بِالذِّلَّةِ وَالصَّغَارِ فِي الدُّنْيَا، وَالْعَذَابِ الْمُهِينِ فِي الْآخِرَةِ، فقال تعالى: ﴿فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٌ﴾ أَيْ مُوجِعٍ مُهِينٍ ﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمَا لَهُمْ مِّن نَّاصِرِينَ﴾.
- ٢٣ - أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُواْ نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يُدْعَوْنَ إِلَى كِتَابِ اللَّهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ وَهُمْ مُعْرِضُونَ
- ٢٤ - ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُواْ لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ وَغَرَّهُمْ فِي دِينِهِمْ مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ
- ٢٥ - فَكَيْفَ إِذَا جَمَعْنَاهُمْ لِيَوْمٍ لاَّ رَيْبَ فِيهِ وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ
ينكر الله تعالى عَلَى الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى، الْمُتَمَسِّكِينَ فِيمَا يَزْعُمُونَ بِكِتَابَيْهِمُ اللذين بأيديهم، وهما (التوراة والإنجيل) إِذَا دُعُوا إِلَى التَّحَاكُمِ إِلَى مَا فِيهِمَا مِنْ طَاعَةِ اللَّهِ، فِيمَا أَمَرَهُمْ بِهِ فِيهِمَا مِنَ اتِّبَاعِ مُحَمَّدٍ ﷺ، تَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ عَنْهُمَا، وَهَذَا فِي غَايَةِ مَا يكون من ذمهم التنويه بذكرهم بالمخالفة والعناد، ثم قال تعالى: ﴿ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ﴾ أَيْ إِنَّمَا حَمَلَهُمْ وَجَرَّأَهُمْ عَلَى مُخَالَفَةِ الْحَقِّ افْتِرَاؤُهُمْ عَلَى اللَّهِ فِيمَا ادَّعَوْهُ لِأَنْفُسِهِمْ، أَنَّهُمْ إِنَّمَا يُعَذَّبُونَ فِي النَّارِ سَبْعَةَ أَيَّامٍ عَنْ كُلِّ أَلْفِ سَنَةٍ فِي الدُّنْيَا يَوْمًا، وَقَدْ تَقَدَّمَ تَفْسِيرُ ذَلِكَ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ، ثم قال تعالى: ﴿وَغَرَّهُمْ فِي دِينِهِمْ مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ﴾ أَيْ ثَبَّتَهُمْ عَلَى دِينِهِمُ الْبَاطِلِ مَا خَدَعُوا بِهِ أَنْفُسَهُمْ، مِنْ زَعْمِهِمْ أَنَّ النَّارَ لَا تَمَسُّهُمْ بذنوبهم إلا أيامًا معدودات، وهم اللذن افتروا هذا من تلقاء أنفسهم، واختلقوه وَلَمْ يُنَزِّلِ اللَّهُ بِهِ سُلْطَانًا، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى مُتَهَدِّدًا لَهُمْ وَمُتَوَعِّدًا: ﴿فَكَيْفَ إِذَا جَمَعْنَاهُمْ لِيَوْمٍ لَا رَيْبَ فِيهِ﴾، أَيْ كَيْفَ يَكُونُ حَالُهُمْ وَقَدِ افْتَرَوْا عَلَى اللَّهِ وَكَذَّبُوا رُسُلَهُ وَقَتَلُوا أَنْبِيَاءَهُ وَالْعُلَمَاءَ مِنْ قَوْمِهِمْ، الْآمِرِينَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهِينَ عَنِ الْمُنْكَرِ!! وَاللَّهُ تَعَالَى سَائِلُهُمْ عَنْ ذلك كله وحاكم عليهم ومجازيهم به، ولهذا قال تعالى: ﴿فَكَيْفَ إِذَا جَمَعْنَاهُمْ لِيَوْمٍ لاَّ رَيْبَ فِيهِ﴾؟ أَيْ: لَا شَكَّ فِي وُقُوعِهِ وَكَوْنِهِ، ﴿وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ﴾
1 / 274