Les éclairs envoyés sur les Jahmites et ceux qui nient les attributs divins
مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة
Enquêteur
سيد إبراهيم
Maison d'édition
دار الحديث
Numéro d'édition
الأولى
Année de publication
١٤٢٢ هـ - ٢٠٠١ م
Lieu d'édition
القاهرة - مصر
Genres
يَصْلُحُ إِلَّا بِهَا لِمُسَاكَنَتِهِ فِي جَنَّتِهِ، وَعُقُوبَتُهُ يُعَاقِبُ بِهَا أَعْدَاءَهُ عَلَى مَقَادِيرِ جَرَائِمِهِمْ، وَهَذِهِ كُلُّهَا أُمُورٌ مَقْصُودَةٌ لِغَيْرِهَا مُفْضِيَةٌ إِلَى مَصَالِحَ مَقْصُودَةٍ لِنَفْسِهَا.
يُوَضِّحُهُ الْوَجْهُ الْخَامِسُ: أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ جَعَلَ الشَّدَائِدَ وَالْآلَامَ وَالشُّرُورَ فِي هَذِهِ الدَّارِ بَتْرَاءَ لَا دَوَامَ لَهَا، وَجَعَلَ الشِّدَّةَ بَيْنَ فَرَجَيْنِ، فَرَجٍ قَبْلَهَا وَفَرَجٍ بَعْدَهَا، وَالْعُسْرَ بَيْنَ يُسْرَيْنِ، وَالْبَلَاءَ بَيْنَ عَافِيَتَيْنِ، فَلَيْسَ عِنْدَهُ شِدَّةٌ دَائِمَةٌ وَلَا بَلَاءٌ دَائِمٌ وَلَا كَرْبٌ دَائِمٌ فِي هَذِهِ الدَّارِ الَّتِي هِيَ دَارُ ظُلْمٍ وَبَلَاءٍ وَخَيْرَاتُهَا مَمْزُوجَةٌ بِشُرُورِهَا، وَذَلِكَ أَنَّ الْآلَامَ وَالشَّدَائِدَ شُرُورٌ، وَالشَّرُّ لَيْسَ إِلَى اللَّهِ بِخِلَافِ الْخَيْرَاتِ وَالنِّعَمِ، فَإِنَّهَا مِنْ مُقْتَضَى صِفَاتِهِ، فَهِيَ دَائِمَةٌ بِدَوَامِهِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ الدَّارَ الَّتِي هِيَ حَقٌّ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ أَوْلَى أَنْ يَكُونَ الدَّوَامُ لِخَيْرَاتِهَا وَلَذَّاتِهَا وَمَسَرَّاتِهَا، وَأَنْ تَكُونَ شُرُورُهَا إِلَى اضْمِحْلَالٍ وَزَوَالٍ.
يُوَضِّحُهُ الْوَجْهُ السَّادِسُ: أَنَّ الْقَضَاءَ الْإِلَهِيَّ خَيْرٌ كُلُّهُ، فَإِنَّ مَصْدَرَهُ عِلْمُ اللَّهِ وَحِكْمَتُهُ وَكَمَالُهُ الْمُقَدَّسُ، فَهُوَ خَيْرٌ كُلُّهُ وَمَصْلَحَةٌ وَحِكْمَةٌ وَعَدْلٌ وَرَحْمَةٌ، وَدُخُولُ الشَّرِّ فِيهِ بِالْعَرَضِ لَا بِالذَّاتِ كَالشَّرِّ الْعَارِضِ فِي الْحَرِّ وَالْبَرْدِ وَالْمَطَرِ، وَالْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَالْأَعْمَالِ النَّافِعَةِ، وَمَا الْعَرَضُ لَا يُقْصَدُ لِذَاتِهِ فَلَا يَجِبُ دَوَامُهُ كَدَوَامِ مَا يُقْصَدُ لِذَاتِهِ مِنَ الْخَيْرَاتِ وَالْمَنَافِعِ.
الْوَجْهُ السَّابِعُ: أَنَّكَ إِذَا اعْتَبَرْتَ هَذِهِ الْآلَامَ وَالشَّدَائِدَ، وَالنِّعْمَةُ وَالرَّحْمَةُ حَشْوُهَا فَظَاهِرُهَا نِقْمَةٌ وَبَاطِنُهَا نِعْمَةٌ فَكَمْ نِقْمَةٍ جَلَبَتْ نِعْمَةً، وَكَمْ مِنْ بَلَاءٍ جَلَبَ عَافِيَةً، وَكَمْ مِنْ ذُلٍّ جَلَبَ عِزًّا، وَكَسْرٍ جَلَبَ جَبْرًا، إِذَا اعْتَبَرْتَ أَكْثَرَ الْخَيْرَاتِ وَالْمَسَرَّاتِ وَاللَّذَّاتِ وَجَدْتَهَا إِنَّمَا تَرَتَّبَتْ عَلَى الْآلَامِ وَالْمَشَاقِّ، وَأَعْظَمُ اللَّذَّةِ وَأَجَلُّهَا مَا كَانَ سَبَبُهُ أَعْظَمَهُ أَلَمًا وَمَشَقَّةً، وَهَذِهِ مَشَاهِدُ فِي هَذِهِ الدَّارِ بِالْعَيَانِ، وَلَمَّا كَانَتْ أَعْلَى الدَّرَجَاتِ أَهْلَ الْجِهَادِ كَانَ أَشَقَّ شَيْءٍ عَلَى النُّفُوسِ وَأَكْرَهَهُ إِلَيْهَا، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾ [البقرة: ٢١٦] وَلِهَذَا قِيلَ:
وَرُبَّمَا كَانَ مَكْرُوهُ النُّفُوسِ إِلَى مَحْبُوبِهَا سَبَبًا مَا مِثْلُهُ سَبَبُ
فَلَا يُوصَلُ إِلَى الرَّاحَةِ وَاللَّذَّةِ إِلَّا عَلَى جِسْرِ التَّعَبِ وَالْأَلَمِ، وَهَذَا يُرِيكَ أَنَّ الْمَصَائِبَ وَالْآلَامَ حَشْوُهَا نِعَمٌ وَلَذَّاتٌ وَمَسَرَّاتٌ، وَهَذَا لِأَنَّ الرَّحْمَةَ لَهَا السَّبْقُ وَالْغَلَبَةُ فَمَا فِي طَيِّ النِّقَمِ وَالْعُقُوبَاتِ مِنَ الرَّحْمَةِ أَسْبَقُ مِنَ الْعُقُوبَةِ، وَهِيَ الْغَايَةُ لِلْغَضَبِ، فَلَا بُدَّ أَنْ يَغْلِبَ أَثَرُهَا أَثَرَ الْغَضَبِ، كَمَا غَلَبَتِ الصِّفَةُ لِلصِّفَةِ.
1 / 268