Les éclairs envoyés sur les Jahmites et ceux qui nient les attributs divins
مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة
Chercheur
سيد إبراهيم
Maison d'édition
دار الحديث
Numéro d'édition
الأولى
Année de publication
١٤٢٢ هـ - ٢٠٠١ م
Lieu d'édition
القاهرة - مصر
Genres
وَهَذَا مَعْلُومُ الْبُطْلَانِ بِالضَّرُورَةِ وَالْعَقْلِ وَالْفِطَرِ الْإِنْسَانِيَّةِ وَاتِّفَاقِ أَهْلِ الْأَدْيَانِ كُلِّهِمْ، بَلْ هَذَا حَقِيقَةُ دَعْوَةِ الرُّسُلِ بَعْدَ التَّوْحِيدِ.
الرَّابِعُ: أَنَّ هَذَا يَنْتَقِضُ بِإِجَابَةِ دَعَوَاتِهِمْ وَسَمَاعِ أَصْوَاتِهِمْ، وَرُؤْيَةِ أَفْعَالِهِمْ وَحَرَكَاتِهِمْ، فَإِنَّ هَذِهِ كُلَّهَا أُمُورٌ مُتَعَلِّقَةٌ بِأَفْعَالِهِمْ، فَمَا كَانَ جَوَابُكَ عَنْهَا فِي مَحَلِّ الْإِلْزَامِ.
الْخَامِسُ: أَنَّهُ سُبْحَانَهُ إِذَا كَانَ يُحِبُّ أُمُورًا، وَتِلْكَ الْأُمُورُ مَحْبُوبَةٌ لَهَا لَوَازِمُ يَمْتَنِعُ وُجُودُهَا بِدُونِهَا، كَانَ وُجُودُ تِلْكَ الْأُمُورِ مُسْتَلْزِمًا لِلَوَازِمِهَا الَّتِي لَا تُوجَدُ بِدُونِهَا، مِثَالُهُ مَحَبَّتُهُ لِلْعَفْوِ وَالْمَغْفِرَةِ وَالتَّوْبَةِ، فَهَذِهِ الْمَحْبُوبَاتُ تَسْتَلْزِمُ وُجُودَ مَا يَعْفُو عَنْهُ وَيَغْفِرُهُ وَيَتُوبُ إِلَيْهِ الْعَبْدُ مِنْهُ، وَوُجُودُ الْمَلْزُومِ بِدُونِ لَازِمِهِ مُحَالٌ، فَلَا يُمْكِنُ حُصُولُ مَحْبُوبَاتِهِ سُبْحَانَهُ مِنَ التَّوْبَةِ وَالْعَفْوِ وَالْمَغْفِرَةِ، بِدُونِ الَّذِي يُتَابُ مِنْهُ وَيَغْفِرُهُ وَيَعْفُو عَنْهُ، وَلِهَذَا قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: " «لَوْ لَمْ تُذْنِبُوا لَذَهَبَ اللَّهُ بِكُمْ وَجَاءَ بِقَوْمٍ يُذْنِبُونَ فَيَسْتَغْفِرُونَ فَيَغْفِرُ لَهُمْ» " وَهَذَا هُوَ الَّذِي وَرَدَتِ الْأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ بِالْفَرَحِ بِهِ، وَهَذَا الْمَفْرُوحُ بِهِ يَمْتَنِعُ وُجُودُهُ قَبْلَ الذَّنْبِ فَضْلًا مِنْ أَنْ يَكُونَ، فَهَذَا الْمَفْرُوحُ بِهِ يُحِبُّ تَأَخُّرَهُ قَطْعًا، وَمِثْلُ هَذَا مَا رُوِيَ «أَنَّ آدَمَ لَمَّا رَأَى بَنِيهِ وَرَأَى تَفَاوُتَهُمْ، قَالَ: يَا رَبِّ، هَلَّا سَوَّيْتَ بَيْنَ عِبَادِكَ؟ قَالَ: إِنِّي أُحِبُّ أَنْ أُشْكَرَ»، وَمَعْلُومٌ أَنَّ مَحَبَّتَهُ لِلشُّكْرِ عَلَى مَا فَضَّلَ بِهِ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ، وَلَا يَحْصُلُ ذَلِكَ بِالتَّسْوِيَةِ بَيْنَهُمْ، فَإِنَّ الْجَمْعَ بَيْنَ التَّسْوِيَةِ وَالتَّفْضِيلِ جَمْعٌ بَيْنَ النَّقِيضَيْنِ، وَذَلِكَ مُحَالٌ.
الْوَجْهُ الثَّانِي وَالْخَمْسُونَ: أَنَّ هَذِهِ الْمُعَارَضَةَ بَيْنَ الْعَقْلِ وَالنَّقْلِ هِيَ أَصْلُ كُلِّ فَسَادٍ فِي الْعَالَمِ، وَهِيَ ضِدُّ دَعْوَةِ الرُّسُلِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ، فَإِنَّهُمْ دَعَوْا إِلَى تَقْدِيمِ الْوَحْيِ عَلَى الْآرَاءِ وَالْعُقُولِ، وَصَارَ خُصُومُهُمْ إِلَى ذَلِكَ، فَأَتْبَاعُ الرُّسُلِ قَدَّمُوا الْوَحْيَ عَلَى الرَّأْيِ وَالْمَعْقُولِ، وَأَتْبَاعُ إِبْلِيسَ أَوْ نَائِبٌ مِنْ نُوَّابِهِ قَدَّمُوا الْعَقْلَ عَلَى النَّقْلِ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْكَرِيمِ الشَّهْرَسْتَانِيُّ فِي كِتَابِهِ الْمِلَلِ وَالنِّحَلِ: اعْلَمْ أَنَّ أَوَّلَ شُبْهَةٍ وَقَعَتْ فِي الْخَلْقِ شُبْهَةُ إِبْلِيسَ، وَمَصْدَرُهَا اسْتِبْدَادُهُ بِالرَّأْيِ فِي مُقَابَلَةِ النَّصِّ، وَاخْتِيَارُهُ الْهَوَى فِي مُعَارَضَةِ الرَّأْيِ، وَاسْتِكْبَارُهُ بِالْمَادَّةِ الَّتِي خُلِقَ مِنْهَا، وَهِيَ النَّارُ عَلَى مَادَّةِ آدَمَ، وَهِيَ الطِّينُ، وَتَشَعَّبَتْ عَنْ هَذِهِ الشُّبْهَةِ سَبْعُ شُبُهَاتٍ صَارَتْ هِيَ مَذَاهِبُ بِدْعَةٍ
1 / 218