202

Les éclairs envoyés sur les Jahmites et ceux qui nient les attributs divins

مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة

Chercheur

سيد إبراهيم

Maison d'édition

دار الحديث

Numéro d'édition

الأولى

Année de publication

١٤٢٢ هـ - ٢٠٠١ م

Lieu d'édition

القاهرة - مصر

Genres

[فَصْلٌ حُجَّةِ الْجَهْمِيِّ أَنَّهُ سُبْحَانَهُ لَا يَرْضَى وَلَا يَغْضَبُ وَلَا يُحِبُّ وَلَا يَسْخَطُ وَالْجَوَابُ عَنْهَا]
فَصْلٌ
فِي ذِكْرِ حُجَّةِ الْجَهْمِيِّ عَلَى أَنَّهُ سُبْحَانَهُ لَا يَرْضَى وَلَا يَغْضَبُ، وَلَا يُحِبُّ وَلَا يَسْخَطُ وَلَا يَفْرَحُ، وَالْجَوَابُ عَنْهَا
احْتَجَّ الْجَهْمِيُّ عَلَى امْتِنَاعِ ذَلِكَ عَلَيْهِ بِأَنَّ هَذَا انْفِعَالٌ وَتَأْثِيرٌ عَنِ الْعَبْدِ وَالْمَخْلُوقِ لَا يُؤَثِّرُ فِي الْخَالِقِ، فَلَوْ أَغْضَبَهُ أَوْ فَعَلَ مَا يَفْرَحُ بِهِ لَكَانَ الْمُحْدَثُ قَدْ أَثَّرَ فِي الْقَدِيمِ تِلْكَ الْكَيْفِيَّاتِ، وَهَذَا مُحَالٌ، هَذِهِ الشُّبْهَةُ مِنْ جَنْسِ شُبَهِهِمُ الَّتِي تُدْهِشُ السَّامِعَ أَوَّلَ مَا تَطْرُقُ سَمْعَهُ، وَتَأْخُذُ مِنْهُ تُرَوِّعُهُ، كَالسِّحْرِ الَّذِي يُدْهِشُ النَّاظِرَ أَوَّلَ مَا يَرَاهُ.
وَالْجَوَابُ مِنْ وُجُوهٍ: أَحَدُهَا: أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ، وَرَبُّهُ وَمَلِيكُهُ، وَكُلُّ مَا فِي الْكَوْنِ مِنْ أَعْيَانٍ وَأَفْعَالٍ وَحَوَادِثَ فَهِيَ بِمَشِيئَتِهِ وَتَكْوِينِهِ، فَمَا شَاءَ كَانَ، وَمَا لَمْ يَشَأْ لَمْ يَكُنْ، فَصِفَتَانِ لَا تَخْصِيصَ فِيهِمَا بِوَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ، وَكُلُّ مَا يَشَاؤُهُ إِنَّمَا يَشَاؤُهُ لِحِكْمَةٍ اقْتَضَاهَا حَمْدُهُ وَمَجْدُهُ، فَحِكْمَتُهُ الْبَالِغَةُ أَوْجَبَتْ كُلَّ مَا فِي الْكَوْنِ مِنَ الْأَسْبَابِ وَالْمُسَبِّبَاتِ، فَهُوَ سُبْحَانَهُ خَالِقُ الْأَسْبَابِ الَّتِي تُرْضِيهِ وَتُغْضِبُهُ وَتُسْخِطُهُ وَتُفْرِحُهُ، وَالْأَشْيَاءَ الَّتِي يُحِبُّهَا وَيَكْرَهُهَا اللَّهُ سُبْحَانَهُ خَالِقُ ذَلِكَ كُلِّهِ، فَالْمَخْلُوقُ أَضْعَفُ وَأَعْجَزُ أَنْ يُؤَثِّرَ فِيهِ، بَلْ هُوَ الَّذِي خَلَقَ ذَلِكَ كُلَّهُ عَلَى عِلْمِهِ، فَإِنَّهُ يُحِبُّ هَذَا وَيَرْضَى هَذَا، وَيُبْغِضُ هَذَا وَيَسْخَطُ هَذَا، وَيَفْرَحُ بِهَذَا فَمَا أَثَّرَ فِيهِ غَيْرُهُ بِوَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ.
الثَّانِي: أَنَّ التَّأْثِيرَ لَفْظٌ فِيهِ اشْتِبَاهٌ وَإِجْمَالٌ، أَتُرِيدُ بِهِ أَنَّ غَيْرَهُ لَا يُعْطِيهِ كَمَالًا لَمْ يَكُنْ لَهُ، وَيُوجَدُ فِيهِ صِفَةً كَانَ فَاقِدَهَا؟ فَهَذَا مَعْلُومٌ بِالضَّرُورَةِ أَمْ تُرِيدُ أَنَّ غَيْرَهُ لَا يُسْخِطُهُ وَلَا يُغْضِبُهُ، وَلَا يَفْعَلُ مَا يَفْرَحُ بِهِ أَوْ يُحِبُّهُ أَوْ يَكْرَهُهُ، وَنَحْوَ ذَلِكَ، فَهَذَا غَيْرُ مُمْتَنِعٍ، وَهُوَ أَوَّلُ الْمَسْأَلَةِ، وَلَيْسَ مَعَكَ فِي نَفْيِهِ إِلَّا مُجَرَّدَ الدَّعْوَى بِتَسْمِيَةِ ذَلِكَ تَأْثِيرًا فِي الْخَالِقِ، وَلَيْسَ الشَّأْنُ فِي الْأَسْمَاءِ، إِنَّمَا الشَّأْنُ فِي الْمَعَانِي وَالْحَقَائِقِ، وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: ﴿ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّهَ وَكَرِهُوا رِضْوَانَهُ﴾ [محمد: ٢٨] وَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ لِأَبِي بَكْرٍ فِي أَهْلِ الصُّفَّةِ: " «لَإِنْ كُنْتَ أَغْضَبْتَهُمْ لَقَدْ أَغْضَبْتَ رَبَّكَ» ".
الثَّالِثُ: أَنَّ هَذَا يُبْطِلُ مَحَبَّتَهُ لِطَاعَةِ الْمُؤْمِنِينَ، وَبُغْضَهُ لِمَعَاصِي الْمُخَالِفِينَ، فَهَذَا

1 / 217