Sélections de contes anglais
مختارات من القصص الإنجليزي
Genres
ولا شك أنهم يجدون في الجو والمناخ ما يصلح أن يكون حجة يقضون في الإدلاء بها نصف ساعة تكون أنت في خلالها مشغولا بالتفكير في تكاليف الفحم والثياب التحتية الغليظة، ويركبهم الغلط فيتوهمون أن صمتك اقتناع، فيروحون يسبحون على متن التيار ويصورون لك مدينة البوابة الذهبية كأنها بغداد الدنيا الجديدة. وإلى هنا، وما دامت المسألة مسألة رأي، لا داعي للمناقضة والجدال، ولكن يا أبناء الأعمام جميعا (من نسل آدم وحواء) إنه لمتهور ذاك الذي يضع إصبعه على الخريطة ويقول: «في هذه البلدة لا يمكن أن يحدث شيء يجري مجرى القصة - وماذا يمكن أن يحدث هنا؟» نعم من الجرأة بل التهور أن يتحدى الإنسان - بجملة واحدة - التاريخ، والخرافة، وراند، وماك ناللي!
ناشفيل - مدينة وثغر وعاصمة ولاية تنيسي، واقعة على نهر كمبرلاند، وملتقى خطوط حديدية. وتعد هذه المدينة أهم مركز للتعليم في الجنوب.
نزلت من القطار في الساعة الثامنة مساء. وقد أعياني الاهتداء إلى لفظ أصف به المدينة، فأنا ألجأ إلى تأليف «تذكرة» من المقارنات.
خذ من ضباب لندن ثلاثين جزءا، ومن الملاريا عشرة أجزاء، ومن الثقوب في أنابيب الغاز عشرين جزءا، ومن قطر الندى عند شروق الشمس في ساحة مبلطة خمسة وعشرين جزءا، ومن أرج الأزهار خمسة عشر جزءا، وامزجها.
وخليق بهذا الخليط أن يعينك على تصور ناشفيل إذ تجودها السماء.
وذهبت إلى الفندق في مركبة، واحتجت إلى كل ما أملك من قدرة على كبح النفس لمقاومة ما يغريني منها بالصعود إلى ظهرها وتقليد سدني كارتون. وكانت الدواب التي تجرها ترجع إلى عصر مضى وانقرض ما كان فيه، وكان السائق أسود ظامئا ضاويا.
وكنت مثقل الرأس من الإعياء والحاجة إلى النوم، فلما بلغت الفندق أسرعت فدفعت إلى السائق الخمسين سنتا التي طلبها، وكنت أعرف عادات هؤلاء الزنوج، ولا أريد أن أتيح له فرصة يلغط فيها بذكر «سيده» ولا بما كان يحدث «قبل الحرب.»
وكان الفندق من الضرب الذي يوصف بأنه «مجدد» ومعنى التجديد إنفاق عشرين ألف ريال على عمد الرخام، والبلاط، والنور الكهربائي، والمقابض النحاسية والمباصق، ودليل جديد للسكة الحديدية، ورسم بارز للجبال في كل واحدة من الحجرات الكبيرة. وكانت الإدارة لا عيب فيها، ولا اعتراض عليها، والمعاملة كالمعهود من حفاوة أهل الجنوب ورقتهم، والخدمة أبطأ من السلحفاة، والقائمون بها في مثل سجاحة رب فان ونكل وسلاسة طباعه، أما الطعام فيستحق أن يقطع المرء إليه ألف فرسخ، وليس في الدنيا فندق آخر تستطيع أن تظفر فيه بأكباد الدجاج مطبوخة على هذا النحو.
وسألت على العشاء خادما زنجيا عن ملاهي المدينة، فوقف يقدح زناد فكره لحظة ثم قال: «الحقيقة يا سيدي أني لا أظن أن هناك شيئا بعد الغروب.»
وكان الغروب قد تم، وغرق في المطر من زمان طويل، وحرمت فرصة مشاهدته! ولكني مع ذلك خرجت إلى الشوارع في المطر لأرى ما عسى أن يكون هناك.
Page inconnue