Mujaz
الموجز لأبي عمار عبد الكافي تخريج عميرة
ويقال لهم: أخبرونا عن قولكم: بأن دعوة رسول الله _صلى الله عليه وسلم_ قد سمعها جميع الناس في أول يوم بعثه الله، ودعا بمكة: (يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعا) (¬1) ، متى سمعوا في حين دعائه أم بعد ذلك؟ فإن قالوا: في حين دعائه، قيل لهم: فهل كان جميع الناس موجودين كلهم في ذلك الحين حتى سمعوا بها أو لم يسمعوا؟ أم كيف القصة في ذلك؟ أم كيف حتى يكون من بالمشرق ومن بالمغرب يسمع دعوة رجل بمكة، وهم عنها نايون، إلا أن يكون ذلك على جهة الإعجاز (¬2) ، فحينئذ يتفق جميع الناس بأنهم قد سمعوا بها، ونكون نحن اليوم لها سامعين، وهذا ما قد بان فساده.
وفي هذا الباب حجج كثيرة لم أذكر منها إلا اليسير، فمن أجل ذلك أخذ المسلمون (¬3) بمقالة سعيد في الحجة، واحتملوا عليها، وتركوا مقالة الآخرين.
فإن سأل سائل فقال: أخبروني عن حجة رسول الله _صلى الله عليه وسلم_، هل كانت قائمة على الناس كافة، لازمة لهم جميعا؟ قيل له نعم: فإن قال: فكيف قيامها على الناس، وأنتم تفرقون بين قيام الحجة وبين السماع بها؟ قيل له: بلى قد فرقنا بين ذلك؛ لأن السماع (¬4)
¬__________
(¬1) سورة الأعراف آية رقم 158.
(¬2) إعجاز القرآن: "ارتقاؤه في البلاغة إلى أن يخرج عن طوق البشر، ويعجزهم عن معارضته على ما هو الرأي الصحيح، لا الأخبار عن المغيبات، ولا عدم التناقض، ولا الاختلاف، ولا الأسلوب الخاص، ولا صرف العقول عن المعارضة، ولا إيجاز اللفظ أو كثرة المعنى، وليس إعجازه لمعناه فقط بل هو في المعنى التام كما هو في النظم، ولو كان حاصلا بدون النظم لم يكن مختصا بالقرآن، بل يكون بعض الأحاديث معجزا أيضا، وهذا خرق الإجماع ". راجع الكليات 1: 238.
(¬3) يقول الدكتور عمار الطالبي: المسلمون عند المؤلف هم الإباضية، والمخالفون لهم يسميهم الإباضيون موحدين.
(¬4) يهتم رجال التصوف بالاستماع، ويتلون قول الله تعالى: (فبشر عبادي الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه(.
وروي عن ابن جرير انه كان يرخص في السماع فقيل له: إذا أتى بك يوم القيامة، ويؤتى بحسناتك وسيئاتك ففي أي الجانبين سماعك..؟
فقال: لا في الحسنات ولا في السيئات، يعني أنه من المباحات.
وسئل الشبلي عن السماع فقال: "ظاهره فتنة، وباطنه، عبرة فمن عرف الإشارة حل له استماع العبرة، وإلا فقد استدعى الفتنة وتعرض للبلية". راجع الرسالة القشيرية 2: 637 وما بعدها.
Page 175