172

Mujaz

الموجز لأبي عمار عبد الكافي تخريج عميرة

Genres

والبعوضة أكبر جسما من إلههم، من غير الوجه الذي ألزمناه قبل؛ لأن الله لا يخلوا من أن يكون محدودا أو غير محدود، فإن كان الله محدودا فلا يجوز أن يفعل العالم منه على هذا القياس إلا الجزء المحدود، إذا كان الكل لا يقع إلا على المتناهي، والفاعل لا يخلو من أن يكون محدودا أو غير محدود، فإن كان الله محدودا فلا بد أن تكون الدنيا مثل نصفه، أو جسمه، أو عشره، أو جزء من ألف جزء منه؛ لأن تضاعيف المتناهي لا يكون أبدا إلا متناهيا، فإذا كان ذلك كذلك فقد خلق الله الدنيا في مثل عشره، وقدرته على مثل ما خلق، كقدرته على ما خلق، وكذلك قدرته على مثليه، وثلاثة أمثاله، إلى عشرة أمثاله، وإلى أن يبلغ إلى مثل مقداره ومساحته في طوله وعرضه وعمقه، فإذا كان ذلك جائزا، وليست مساواته في المقدار، والذرع مساواة في القدرة، فما تنكرون أن يكون ما خلق الله أكثر ذرعا، وأعظم جسما منه، ولا يكون ذلك بالذي يوجب له مثل قدرته، فإن جوزوا له ذلك قلنا فلعله نصف الدنيا، فإذا جوزوا ذلك قلنا: فلعله مثل ربعها، أو ثمنها، أو عشرها، إلى أن يصيروا إلى الذرة والبعوضة، ويقال لهم: هل تخلو حركته يمنة أن تخالف حركته يسرة لاختلاف الجهتين، أو تكونا مختلفتين في أنفسهما؟ فإن جعلوا سبب اختلافهما اختلاف جهاتهما قلنا: ولم اختلفتا لاختلاف غيرهما؟ وإن كانتا مختلفتين في أنفسهما، فقد صار الجسم الواحد قد تجيء منه الأجناس المختلفة، والأفعال المتضادة، فإن لم يجوزوا ذلك في سائر الأجسام، وخصوه بأنه يفعل الحركتين المختلفتين في الجهتين فقد أقروا بأنه بخلاف ما يعقلون ويجدون فيها بينهم، وينبغي للأجسام التي يحدثها الله أن تكون إنما تعظم على قدر شدة الحركة منه، وهذا يوجب أنه إذا سعى كان الجسم الحادث أكبر منه إذا مشى، وإذا عدا كان الجسم الحادث أكبر منه إذا سعى، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا.

Page 172