من أجل كثرة أجزائه، وعظم جسمه، أو لأن ذاته على خلاف كل ذات، خرجوا من المذهب، وتركوا القول بالتجسيم، وإن كان إنما يخلق لكثرة الأجزاء فقد كان ينبغي لكل جسم يخلق على قدر أجزائه، وإن قالوا: ليست العلة في ذلك كثرة الأجزاء ولا قلتها، فإذا كان ذلك كذلك، فلعله أصغر من الهيئات وأقل من كل قليل، ويلزم المشبهة أيضا أن يكونوا لا يدرون لعل الذرة (¬1)
¬__________
(¬1) الذرة في الأصل: هي الجزء الفرد، أو الجزء الذي لا يتجزأ، أثبتها (ديمقريطس) و(أبيقوروس) و(لوكرس)، فقال ديمقريطس: إن الجواهر الفردة أبدية ومتجانسة، وثابتة لا تختلف بعضها عن بعض إلا بصورها وأوضاعها وحركاتها، وقال المتكلمون الذين أثبتوا ذلك أن الجوهر الفرد ذو وضع لا يقبل القسمة أصلا لا قطعا، ولا كسرا، ويطلق المحدثون لفظ الذرة على أصغر جزء من عنصر مادي ما، يصح أن يدخل في التفاعلات الكيماوية، وهذه الأجزاء المادية ثابتة الكيفيات، وقد أطلق العلماء خلال هذه السنوات الأخيرة لفظ الذرة على أجزاء فيزيائية محدودة ومنفصلة لا تقبل الانقسام، كالذرات الكهربائية أي (الإكترونات)، وأطلق الفلاسفة لفظ الذرة على العناصر النفسية التي لا تنقسم، وسموه بالذرات النفسية..
Page 171