ومنهم هجيسيوس أصله يهودي، فتنصر وذكره أوسابيوس (ك4 من تاريخه ف8)، وقال: إنه كتب في إنذار الرسل خمسة كتب، وأنه استشهد بأقواله مرات والظاهر من كلامه أنه بقي حيا في أيام الملك أدريان الذي ملك من سنة 117 إلى سنة 138، ويأسف كثيرا على فقدان كتبه التي يظن أنه جمع فيها كل ما كان في الكنيسة منذ إنذار الرسل إلى أيامه . (3) في الشهداء بسورية في هذا القرن
ذكرنا من هؤلاء الشهداء القديس أغناطيوس بطريرك أنطاكية والقديس سمعان أسقف أورشليم والقديس يوستينوس، وجاء في الكتاب الموسوم بسورية المقدسة أن فيلون شماس كنيسة ترسيس وأغابيتوس شماس كنيسة أنطاكية وشي بهما أنهما اتبعا القديس أغناطيوس إلى رومة، وأحضرا ذخائره إلى أنطاكية، فأشخصهما والي أنطاكية وأجرى عليهما أعذبة مبرحة، فنالا إكليل الشهادة سنة 109 في أيام ترايان الملك، وكذلك أجرى على فوقا البطريق الأنطاكي فإنه وشي به أنه يشجع المؤمنين على تحمل الاضطهاد، فعذبه الوالي فنال إكليل الشهادة سنة 114، وجاء في الكتاب المذكور أيضا أن القديس لاونسيوس نال إكليل الشهادة بأطرابلس مع أيباسيوس وتريبوتس وتوادورس في أيام أدريان الملك.
وقد استشهد في أباميا القديسان غايوس وإسكندر في أيام الملك أنطونينوس بيوس، وحاز إكليل الشهادة بدمشق القديس بولس وتاتا امرأته مع أربعة من أنسبائها وحازته ببعلبك القديسة أودكسيا ... ذكرها توادوريطوس، وقال: إنها كانت امرأة شريفة قبلت الإيمان ونصرها تيودوس أسقف بعلبك، وكان استشهادها في آخر سني الملك ترايان، وليس هؤلاء كل الشهداء بسورية في القرن الثاني بل من عرفناهم.
الفصل الخامس
في تاريخ سورية الدنيوي فى القرن الثالث
(1) في ما كان بسورية في أيام كركلا ومكرين
إن الملك سبتيمون ساويروس المذكور استمر على منصة الملك إلى سنة 211، وكان له ابنان كركلا وجيتا فخلفاه، ولكن كركلا بن جولية دمنة كاهن حمص قتل أخاه جيتا في حضن أمه، ولم نعثر على شيء كان بسورية في أيام كركلا إلا تكميله أبنية أبيه في بعلبك، فهو الذي أنشأ فيها الرواق والعرصة أيام هيكل المشتري، وإلا بعض خطوط عثر عليها ودنيكتون بحوران مؤذنة بإقامة آثار إجلالا لكركلا وأخيه، وبعضها لكركلا وحده، وخط عثر عليه رنان في فتقا تكرمة لهما، ثم قتل مكرين رئيس الحرس كركلا سنة 217 وخلفه في الملك.
وشخص مكرين إلى المشرق لحرب الفرس والأرمن، ولما توفيت جولية دمنة امرأة سبتيموس وأم كركلا نفى إلى حمص أختها ميزا بنت كاهن حمص وبنتيها سومياس أم الملك أليوكبل الآتي ذكره، ومما أم إسكندر ساويرس، وكانت هؤلاء النسوة ذكيات ماكرات وعلى جانب كبير من الثروة، وكان اتصال نسبهن بالأسرة الملكية معاونا لهن على الفوز برغائبهن وأقمن في جوار هيكل الشمس بحمص، وأرسل مكرين بوغادته فرقة من الجنود تقيم حذا هذا الهيكل ومفاتيحه بيد ميزا وابنتيها، وكان لسومياس ابن اسمه إفتيوس باسيانس فأقمنه كاهنا في هيكل حمص، وكان جميل الصورة ويتشح بالبرفير وكانت العامة تسميه أليوكبل أي: إله الجبل أو الإله الجابل أي: الخالق، وكان الجنود المخيمون هناك يجلون الحبر الشاب ويعجبون به، ففي ذات ليلة أتى أليوكبل إلى معسكر حمص ومن ورائه مركبات تقل أكياسا من الذهب، فنادى الجنود به ملكا سنة 218، وكان أولبيوس أحد الحرس الملكي قريبا من حمص، فأسرع إلى المعسكر وحاول فتح أبوابه فدحره الجنود، وأشرفوا من على الأسوار يرون أرفاقهم أكياس الذهب والملك الجديد مسمين له ابن كركلا، فقلب هؤلاء الجنود ظهر المجن لقائدهم أولبيوس، وانضموا إلى عسكر أليوكبل وقطعوا رأس القائد، وأرسلوه إلى مكرين وكانت فرقة من الجند بأباميا، فانضمت إلى عسكر أليوكبل، وزحف مكرين بعسكره إلى حمص والتقاه جيش أليوكبل وتقدمت ميزا وسومياس وأليوكبل في طلائع جيشهم ليزيدوه شجاعة، فتولى الرعب مكرين وخانه بعض جنوده فانهزم، واستسلم عسكره إلى أليوكبل فأصبح كاهن هيكل الشمس بحمص عاهلا للرومانيين في 8 حزيران سنة 218.
وسار أليوكبل من حمص وأخذ معه الحجر الأسود الذي كان يعبد فيها كغيره من الحجارة في مدن أخرى في المشرق، ودخل أليوكبل رومة متشحا بثوب من البرفير معلما بالذهب وبجيده عقد من جواهر كريمة، ووجهه مخضب على عادة الشرقيين ومن ورائه ميزا وبنتاها، وأقام برومة ندوة من النساء وجعل أمه رئيسة عليها وأما مما خالته، فكانت معتزلة مهتمة بتربية ابنها إسكندر ساويروس وكان الرومانيون يشمئزون من فظائع أليوكبل، ويأنفون من تقديم الحجر الأسود على آلهتهم، وكان الملك يبني له كل سنة هيلكا في ضواحي رومية ينقله إليه باحتفاء، وكان يؤذن لكل أصحاب مذهب بأن يباشروا فروض مذهبهم في هياكلهم يهودا كانوا أم غيرهم.
وحملته ميزا جدته أن يسمي إسكندر ابن خالته بمقام قيصر ويتخذه معاونا، وكان إسكندر ذكيا لين العريكة طلق الوجه عذوما، فمال الجمهور إليه وسخط عليه أليوكبل حسدا، وأشاع يوما خبر موته فهاج الجنود، وطلبوا أن يروه فاضطر أليوكبل أن يسير مع إسكندر لتخميد ثورة الجنود فعلا الهتاف، واتصل الحشد إلى العراك فقتل الجنود وزراء أليوكبل وأمه سومياس وأصدقاءه، واختفى أليوكبل بمرحاض، فقتل هناك وطرحت جثته في نهر التيبر وألحقوا به الحجر الأسود، وكان ذلك في 11 آذار سنة 222 ونادى الجيش باسم ابن خالته إسكندر ملكا. (2) في ما كان بسورية في أيام إسكندر ساويروس وفيلبوس العربي
Page inconnue