على النَّبيثة الَّتِي هِيَ كُناسة الْبِئْر، وهيهات الأَرْوِىُّ من النعام الأرْبد، وَأَيْنَ سُهيَلٌ من الفَرْقَد؟ النَّبيثة من " ن ب ث "، وتستبيث من " ب وث " أَو " ب ي ث " يُقَال " بُثْت الشَّيْء بَوْثا، وبِثْتُه بَيْثا: إِذا استخرجته.
وَمن قَوْله: صدَرْت عَن الْبِلَاد صَدَرًا: هُوَ الِاسْم، فَإِن أردْت الْمصدر جزمت الدَّال، فَهَل أوحشُ من هَذِه الْعبارَة، أَو افحش من هَذِه الْإِشَارَة؟
وَهل أدلُ على قلّة التَّفْصِيل، والبُعد عَن التَّحْصِيل، وَالْجهل بالتنتيج والتلقيح، وجوده الانتقاد والتنقيح، من قَول أبي عبد الله بن الأعرابيّ، فِي كِتَابه الموسوم بالنوادر: العدوّ: يكون للذّكر وَالْأُنْثَى بِغَيْر هَاء. وَالْجمع أَعدَاء، وأعادٍ، وعُداة، وعِديً، وعُديً، فأوهم أَن هدا كُله جمع لشَيْء وَاحِد.
وَإِنَّمَا أعدَاء: جمع عدوٌ، أجروه مُجرى فعيل صفة، كشريف وأشراف، ونصير وأنصار، لِأَن فَعولا وفَعيلا متساويان فِي العِدِّة، وَالْحَرَكَة والسُّكون، وَكَون حرف اللين ثَالِثا فيهمَا، إِلَّا بِحَسب اخْتِلَاف حرفي اللِّين، وَذَلِكَ لَا يُوجب اخْتِلَافا فِي الحكم هُنَا، أَلا تراهم سوَّوا بَين نوارٍ وصَبور فِي الْجمع، فَقَالُوا: نُوُرٌ وصُبُر؟ وَقد كَانَ يجب أَن يكَسَّر عَدُوّ على مَا كُسِّر عَلَيْهِ صبور، لكِنهمْ لَو فعلوا ذَلِك لأجحفوا، إِذْ لَو كسَّروه على " فُعُل "، للَزِمَ عُدُوٌ. ثمَّ لزم إسكان الْوَاو، كَرَاهِيَة الْحَرَكَة عَلَيْهَا، فَإِذا سكنت وَبعدهَا التَّنْوِين، التقى ساكنان، فحذفت الْوَاو، فَقيل عُدٌ، وَلَيْسَ فِي الْكَلَام اسْم آخِره وَاو قبلهَا ضمة، فَإِن أدّى إِلَى ذَلِك قياسٌ رُفِض، فقلبت الضمة كسرة، وَلزِمَ لذَلِك انقلاب الْوَاو يَاء، فَقيل " عُدٍ "، فتنكَّبت الْعَرَب ذَلِك فِي كل معتل اللَّام، على فَعُول، أَو فَعِيل، أَو فِعال، أَو فَعال، على مَا قد أحكمته صناعَة الْإِعْرَاب.
وَأما أعادٍ فَجمع الْجمع، كَسَّروا عَدُوّا على أَعدَاء، ثمَّ كَسَّروا أَعدَاء على أعادٍ، وَأَصله أعاديُّ، كأنعام وأناعيم، لِأَن حرف اللين إِذا ثَبت رَابِعا فِي الْوَاحِد، ثَبت فِي الْجَمِيع، وَكَانَ يَاء، إِلَّا أَن يُضْطَرّ إِلَيْهِ شَاعِر، كَقَوْلِه، انشده سِيبَوَيْهٍ:
والبَكَرَاتِ الفُسَّجَ العْطَامِسا
وَلَكنهُمْ قَالُوا: أعادٍ كَرَاهِيَة الياءين مَعَ الكسرة، كَمَا حكى سِيبَوَيْهٍ فِي جمع مِعطاءٍ
1 / 34